الأحد، 19 يونيو 2011

العمل في الهبل .. والابداع في الضياع


بعد قضاء فترة ليست بقصيرة تحت مظلَّة التعليم - وصف التعليم بالمظلة لتأكيد إنه بيقوم بنفس المهمة اللي هي منع وصول الشمس لكل اللي واقف تحتها- دقت ساعة العمل والإنتقال من مُسمَّي طالب إلي مُسمَّي موظف ومع التدقيق اللُغوي هانلاقي إن طالب اسم فاعل في حين إن موظف اسم مفعول وإحقاقاً للحق فأثناء المرحلتين احنا بنكون المفعول ولا وجود لنا في جانب الفاعل. اكثر ما يؤلم الانسان هو أن يكتشف أن ما كان يكرهه رحمه وهو ده اللي حصل مع اغلبنا بعد التخرج لمّا خرجنا من الكلية كلنا أمل وحماس ورغبة في إثبات الذات وتجاوز حماقات الماضي لكننا اتفاجئنا بكومة ضخمة من الحماقات في الغالب هي اضخم من اللي كانت في الكلية وإليكم بعض الحقائق المُرّة الخاصة بطبيعة العمل.
أول حقيقة في العمل هي مبدأ البركة الشبيه بمدأ سواقين الميكروباص اثناء سواقتهم جنب ترعة في طريق مظلم حارة واحدة "كله علي الله". والبركة في العمل بتبدأ من البرنامج التأهيلي للموظفين الجدد واللي بيكون تحت عنوان "علم نفسك اللي انت مش عارفه ولازم تعرفه" أو ساعات بيكون عنوانه "الشغل هو اللي بيعلم" وغالباً اللي بيقول كدة كان شغال مدرب سباحة قبل ما ينضم للشركة لكن نظراً لوفاة اغلب المتدربين علي ايده انتقل إلي الشركة مع حصوله علي شهادة معاملة خاصة يتم اخفاءها عن الموظفين الجدد لكن الموضوع بيتعرف بعد وقت.
تاني مجال لتطبيق البركة في الشغل هو الشغل نفسه وسواء كنت تعمل في مجال التصميم أو المبيعات أو حتي التنفيذ بتكون قراراتك مبنية علي اُسُس قوية ألا وهي التجارب المتوارثة بين الأجيال بدون معرفة ما وراء القرار وسبب اتخاذ القرار أو حتي مين اللي اخده وتلاقي نفسك بتسأل سؤال منطقي "طب لو حاجة جديدة حصلت ؟!" بعد سؤالك ده لمديرك أو زملائك هاتحصل علي فترة من الصمت يعقبها فترة تأمل يعقبها فترة حيرة وبعدين هايسيبوك ويمشوا.
ثاني حقيقة في العمل هي استخدام فن التمثيل في غير محلُّه , لمّا تلاقي الموظفين عاملين نفسهم بيشتغلوا –مع ان مفيش حاجة تتعمل- والمديرين عاملين نفسهم بيشرفوا علي الموظفين اللي عاملين إنهم بيشتغلوا والمدير العام بيعمل نفسه معجب بإشراف المديرين اللي عاملين نفسهم بيشرفوا علي الموظفين اللي عاملين نفسهم بيشتغلوا بالرغم من انه عارف كويس إن مفيش حاجة تتعمل في الشغل بس الحمد لله يوم قبض المرتب الموظفين بيقبضوا فعلاً والادارة مش بتعمل نفسها بتقبَّض الموظفين.
ثالث حقيقة هي إن مناصب الشركة محجوزة لنوعية معينة من الموظفين , إما الموظفين ذوي القدرات المحدودة واللي ما بيصدقوا يلاقوا مكان يلمهم , أو للمتورطين في التزامات (جواز وعيال) فرضت عليهم التخلي عن حب المغامرة , إما الاشخاص معدومي الطموح. الخلاصة لمّا تقابل مديرك وتعرف إنه شغّال في الشركة من أكتر من 5 سنين فقبل ما تحترمه وتتخذه مثل أعلي حاول تعرف هو أنهي نوعية من النوعيات السابق ذكرها.
رابع حقيقة هي إن في كلمة لازم تنساها علشان متحسش بألم في القلب ألا وهي كلمة "ابداع" واللي بتكون في أول حياتك هدف وبمرور الوقت بتتحول لشيء مفقود تبحث عنه بشغف وبمرور وقت أكثر بتبطل تدور عليه وفي النهاية لمّا حد هايسألك هو مفيش ابداع هاتلاقي نفسك بتقول له "ابداع ؟! اه ابعت الاوفيس بوي يشتري لك من السوبر ماركت اللي تحتنا علشان اللي في الثلاجة عندنا خلص".
حقائق لزجة القوام و مُرة المذاق وقميئة المظهر ولكنها منتشرة في أغلب مواقع العمل ويجب وضعها في الاعتبار في جميع الاوقات لكي ننسجم مع ذلك الخليط القذر دون أن نتخلي عن طموحاتنا وأحلامنا.