الاثنين، 27 أغسطس 2012

عفواً لن أكون إيريال


ظاهرة التحرش موجودة في مصر من زمان بشكل يستحق يتقال عليه ظاهرة واختلفت الآراء عن أسباب التحرش وهل الغلط علي البنت بسبب لبسها وﻻ الولد بسبب اخلاقه وﻻ الظروف الاقتصادية وﻻ القنوات التليفزيونية وﻻ المواقع الاباحية وﻻ مزيج مركب من كل ده. بعد زمن من الهري والنكت في نفسي لتفسير القضية وإيجاد حلول لها تذكرت واحد صاحبي قال لي ماتحاولش تغير خارج دايرة تأثيرك ﻷنك هاتعجز وتصاب بالإحباط , يعني انا مش بإيدي غير إني أدعو لكتابة قانون صارم يعاقب بشدة المتحرش , ومش بإيدي غير إني اطالب بعمل دوريات أمنية وخصوصاً إن حوادث التحرش ليها أماكن مشهورة ومناسبات معروفة , ومش بإيدي غير إني اطالب الأهالي بتربية عيالهم واطلب من البنات إنهم يتجرأوا ويستخدموا العنف. لكني بعد تفكير وتجربة اكتشفت إني في إيدي حاجة اعملها غير إني اطلب من كل اللي حواليا إنهم ينفذوا افكاري الجهنمية , اكتشفت إني مسؤول آخد موقف عملي تجاه أي حادث تحرش يحصل قدامي واتصدي بكل حسم وجرأة للمتحرش وأقف في صف الضحية ورزقي علي الله بقي انضرب أو اتشتم أو أي حاجة لكن ساعتها ابقي عملت اللي علي فعلاً وخرجت من صفوف المتفرجين.

بعد تفكير لقيت إن وقفتي ضد المتحرش واصطدامي به مش شهامة وﻻ جدعة وﻻ بطولة وحسبتها من ناحية تانية خالص. يعني تخيلوا معايا كدة (خصوصاً الشباب) لو في بنت شغلتها إنها تاخد فلوس مقابل إن الرجالة يلمسوا جسمها ساعتها هانقول عليها إنها بنت مش تمام وكل الشتائم اللي عارفينها , طب لو حدواقف في حاله خالص وجت البنت دي قدامه وجالها زبون دفع لها فلوس وخد اللي هو عايزه ساعتها هانقول إيه علي الواحد اللي شهد علي عملية العك اللي حصلت دي ؟ أكيد هانقول عليه قرني ورافع ايريال. طب مابالكم بقي بواحد واقف شهد علي عملية جنسية غصب عن البنت … ده يبقي ايه ؟ -تم حذف الاجابة من الرقابة-

بعد ملاحظة تعليقات البنات علي القضية دي ﻻحظت إن اللي بتسكت منهم مش بتسكت علشان مبسوطة أنما ﻷنها خايفة لفقدانها الثقة في الرجالة كلهم ومش واثقة إنها لو اتكلمت هل الرجالة اللي حواليها ومش بيتحرشوا بيها هايقفوا معاها ويحاسبوا الحيوان اللي اتحرش بيها وﻻ كل واحد هايعمل عبيط أو يبرأ نفسه ويقول ما هي اللي ﻻبسة مش تمام أو يضحك مستمتع بالمشهد الساخن اللي بيتفرج عليه. يعني من الآخر كل شاب بيشهد تحرش ومش بيتحرك فهو شريك أصلي في الجريمة وزييه زي الناضورجي اللي بيقف يأمن الطريق للمجرمين أو وفقاً للي بيحصل ده فهو قرني مع الاعتذار لكل واحد وظيفته قرني ﻷن القرني بيقرن لواحدة بطالة مش ضحية. سكوتنا كشباب جرأ المتحرش ﻷنه زي البنت بالضبط واثق إنها لو صرخت ولمت عليه الناس مفيش دكر هايعمل له حاجة وآخرهم هايهدوا البنت ويبعدوه عنها.

وبناءاً عليه قررت إني اتصدي ﻷي متحرش ومش بس اتصدي انما كمان اتصيد يعني لو لاحظت في وسط الزحمة واد حركاته مش مظبوطة آخد المبادرة وابعده في بهدوء علشان برضه محرجش البنت ولو طول أو البنت هي اللي خدت المبادرة يبقي مفيش كلام هاقف معاها فلقد ولدتنا امهاتنا رجالاً ولن نرفع ايريال بعد اليوم. طبعاً حد يقول لي انت هاتعمل لي فيها رامبو اقول له يبقي انت ماتعرفش طولي ووزني لكن الموضوع عمره ما كان بالطول والوزن والمفضوح بيجيب ورا حتي لو عيل اللي زعق فيه وكل اللي في المكان بيحسوا بالعار وبيسخنوا لما واحد ياخد المبادرة وفي كل الاحوال حتي لو الموضوع وصل لضرب مش مشكلة ما الواحد ممكن ينضرب في خناقة علي حاجة تافهة خلينا بقي ننضرب علشان حاجة تستاهل مع ملاحظة إن الواحد مش بس بيدافع عن اعراض بنات الناس انما كمان بيدافع عن عرضه هو شخصياً , عن اخته وعن أمه وبنته ﻷن اللي بيعمل كدة إيه اللي هايمنعه عن أهلي إلا واحد قرر يسترجل ويتصدي للمفضوح , فخلونا رجالة ونتوكل علي الله ومانخافش من قولة الحق وليكن شعارنا في التصدي للمتحرشين
They can take our lives , but they will never take our ROGOLA

الأحد، 19 أغسطس 2012

مش زي الأعياد اللي عرفتها



من فترة والعيد بالنسبة لي مش زي العيد اللي اتعودت عليه , البهجة بتاعة زمان واحنا صغيرين , فرحة اللبس الجديد اللي الواحد كان كل شوية يبص عليه من يوم ما بيشتريه لحد يوم العيد , الفرحة بالعيدية والفلوس الجديدة برائحتها المميزة وملمسها اللي كان بيخلي الواحد يستخسر يكرمشها , كحك العيد اللي رغم إني مش بحبه لكني كنت باكله من باب طقوس العيد , صلاة العيد والتكبير بصوت عالي والإستعجال لترك الخطبة علشان نقضي العيد. بقالي فترة مش حاسس بالعيد زي ما كنت بحس بيه زمان وده شيء حيرني , يعني هل ده طبيعي نتيجة ﻹختلاف المرحلة العمرية من الطفولة لمرحلة الشباب وﻻ الموضوع اكبر من كدة ؟!

يمكن إختلاف العمر بيفرض علي الواحد أساليب تانية للإحتفال بالعيد , يمكن براءة الاطفال هي سر متعة العيد وطبعاً البراءة دي انتهت بإنتهاء الطفولة , يمكن عالمنا الضيق زمان كان بيخلي أي حاجة تبسطنا وتفرحنا ودلوقتي لما دنيتنا وسعت سقف طوحاتنا ارتفع وبقينا عايزين حاجة مركبة أكتر من عيد وعيدية وكيس بمب , يمكن مع التكرار متعة الاحتفال بقت أقل ﻷن عادة أول مرة هي اللي بتبقي مبهرة والإبهار بيقل لحد ما يبقي عادة احياناً تصل للملل

مش عايز ادخل في المأساويات واقول إن لمة زمان اتفركشت , لمة العيلة ونزولنا صلاة العيد ودخول أمي وأختي لمصلي السيدات وبحثنا عنهم بعد الصلاة وسط الزحام , لمة الصحاب علي ناصية الشارع ليلة العيد وسهرتنا للصبح اللي مكناش بنصرف فيها كتير بس كانت بتبقي ليلة , مش عايز اتعمق في المأساويات وأقول إن قدرتي علي الإستمتاع أصبحت أقل بسبب البلاوي اللي الواحد شافها وحفرت التكشيرة علي وشه , مش عايز أوصل للإحباط وأقول إن الواحد مبقاش ضامن الساعة اللي جاية هايفضل فرحان وﻻ هايصطدم بحاجة في الحياة تنكد عليه , مش عايز أوصل لليأس وأقول إن الخوف بيقتل السعادة

علي العموم عيد سعيد عليكم :)

الخميس، 16 أغسطس 2012

محدش بيختم بالساهل



من المعروف إن أي مشوار للحصول علي أوراق رسمية مش بس بيكون مشوار أنما تجربة عادة بتكون مليئة بالألم وفقعة المرارة وده بفضل المنظومة الادارية الرهيبة في المصالح الحكومة والكفاءة الواطية للموظفين اللي بيتفننوا في تكدير المواطنين بدل ما يعملوا لهم الخدمة اللي بيطلبوها واللي هي الشغلانة اللي هم كموظفين بياخدوا فلوس عليها. الموظفين المصريين عندهم قدرة رهيبة علي إفتعال الروتين وتعطيل المصالح ﻷتفه الاسباب بالإضافة لقدرتهم الخارقة علي إفساد أي نظام يتم فرضه عليهم لرفع كفاءة المؤسسة.

الموقف اللي تعرضت له كان في مكتب تصديق وزارة الخارجية اللي في المهندسين واللي للوهلة الاولي تحس إن اللي بيوثقوا أوراقهم في الخارجية اكتر من اللي بيستخلصوا ورق من الداخلية كمقياس معبر عن رغبة الجماهير. كل اللي كنت عايزه هو تصديق ورقة واحدة فقط ولما وصلت لقيت زحمة في كل الاتجاهات مما يصعب عملية تتبع الزحمة للوصول للهدف وكعادة المؤسسات الحكومية المصرية بيغيب عنها ما يسمي الاستعلامات وبالتالي علشان تعرف المكان اللي المفروض تقف عنده ﻻزم تكتشف بالتجربة وده موضوع دايماً كان بيستفزني ﻷن في أي مؤسسة حكومية بيكون في عدد كبير جداً من الموظفين اللي اغلبهم مالوش أي تلاتين ﻻزمة وعادة بيكون في موظف كل شغلته في الحياة إنه ختامة وبالتالي شيء مستفز ومثير للدهشة في نفس الوقت .. يعني يشغلوا واحد ختامة ويستخسروا يجيبوا موظف استعلامات !!

دخلت لقيت واحد المفروض أمن ومسؤول عن قطع الكوبونات اللي فيها رقم بيتم النداء عليه وأول ما شافني لقيته قطع ورقة وحطها في إيدي وكل ما كنت احاول اسأله عن حاجة ألاقيه بيدي اللي حواليا ورق ففهمت إن الراجل ده شغلته بتاع ورق بس. دخلت وقعدت أبحث عن اللوحة الاليكترونية اللي المفترض يظهر عليها الرقم اللي معايا لما ييجي علي الدور والحمد لله ربنا وفقني وقدرت الاقيها مع ملاحظة إن اللوحة دي المفروض تبقي في مكان واضح مش مكان سري. قعدت في مواجهة اللوحة وانا بتفرج علي الارقام ﻻحظت إن العميل الواحد مش بياخد وقت خالص ومفيش دقيقة والاقي العميل اللي بعده جي عليه الدور وده شيء فرحني لحد ما جي علي الدور ورحت الشباك لقيت ناس كتير جداً واقفين علي الشباك وساعتها فهمت إن الموظف اللطيف بيدوس علي الزرار اللي بيخلي اللوحة تجيب رقم العميل اللي بعده بحيث يوقف حبة حلوين قدامه في طابور في تحطيم واضح لفكرة اللوحة لكن واضح إن الطبع يغلب النظام.

بعد ما تكتلنا علي الشباك في منظر معهود في المصالح الحكومية واللي كان ممكن التخلص منه وفقاً لنظام اللوحة الاليكترونية لكن الموظف أبي وأستكبر لقينا موظف بيقول لنا انتوا واقفين هنا ليه ؟ قلنا له ما هي اللوحة قالت لنا شباك رقم واحد فقال لنا بإستنكار : ومين قال لكم إن ده شباك واحد ؟ بصينا كلنا في نفس الوقت للوحة ملصقة علي الشباك مكتوب عليها شباك رقم واحد وبصينا له بدون أي تعليق فقال لنا بكل ثقة : ﻻ اللوحة دي قديمة شباك واحد اللي جنبه. فعلاً رحنا وقفنا علي شباك رقم واحد واللي كان مكتوب عليه شباك رقم 3 وسلمنا الورق بتاعنا وكل ما كان حد يسلم ورقه الموظف يقول له خش علي الشباك اللي بعدي وفعلاً انتقل التكتل من الشباك الاول (شباك رقم واحد اللي مكتوب عليه رقم 3) للشباك اللي بعده وبعد ما وقفنا كتير لقينا الموظف اللي في الشباك ده بص لنا كأننا ظهرنا في وشه فجأة وسألنا وهو في حالة ذعر : انتوا واقفين هنا ليه ؟ , طبعاً كان ردنا منطقي جداً : علشان نستلم الورق بتاعنا , وكعادة الموظف المصري اللي عمره ما يقول لك جملة خبرية ودايماً كلامه اسئلة قال لنا : ومين قال لكم إن الاستلام من هنا ؟ , قلنا له : اللي جنبك هو اللي قال هنا , وهنا تدخل الموظف الاول (اللي عند شباك رقم واحد اللي مكتوب عليه رقم 3) وقال : انا قلت علي الشباك اللي بعدي مش اللي جنبي , &^%$@#@#& ده اللي كنا عايزين نقوله بس ﻷن المثل بيقول إن لك عند الموظف حاجة قول له يا سيدي وﻷننا متأكدين إن المؤسسة دي مالهاش كبير فاتنيلنا سكتنا ورحنا للشباك الأخير اللي هو الشباك اللي بعد شباك رقم واحد اللي مكتوب عليه رقم 3 مش اللي جنبه. الحمد لله انتهت الرحلة بختم الورقة اليتيمة وقمت بتوديع رفقائي في الصف اللي شاركوني رحلتي في فهم أم النظام اللي ماشية بيه المؤسسة دي وكانت لحظة وداعهم صعبة ﻷن مهما كان العشرة ماتهونش علي موظفين الحكومة.

الأربعاء، 15 أغسطس 2012

قبل أن تصبح الثورة فوتوشوب


نجحت الثورة المضادة في عرقلة مسار ثورة يناير ونجحت في تشويه معظم من شارك فيها , وعلي مدار اشتباكات ما بعد التنحي في صراع الثورة مع المجلس العسكري نجحت في تضليل الرأي العام وجمهور المتفرجين أكثر مما نجحت أثناء المرحلة الأولي من الثورة ضد مبارك مع ملاحظة أن نفس الجمهور كان من المعارضين للثورة ولوﻻ تنحي مبارك لظلوا في صفوف المعارضة الصامتة للثورة وﻷن الصراع مع العسكر لم يتنهي بعد ولم تتضح الأمور مثلما حدث بعد تنحي مبارك فستظل تلك الجموع مؤمنة بنظرية الطرف الثالث والتي كانت تحمل في الإصدار الأول لها بنظرية المؤامرة والأجندات الأجنبية.

إنشغل الثوار بالمطالبة بحقوق ضحايا الاشتباكات المفتعلة التي كان يحيكها النظام لشق الصفوف وتمرير القرارات وجذب فصيل عن فصيل آخر ﻹنهاء المرحلة بالصورة التي ترضيه وتحافظ علي مكانته وفي ظل ذلك الإنشغال بالمطالبة بالحقوق قامت الثورة المضادة بمساعدة أصحاب الزي العسكري بتشويه الضحايا والتأكيد علي أن كل المشاركين ما هم إلا بلطجية يريدون الدمار والخراب لمصر وفي يومنا هذا أصبح من المسلمات في ثورتنا أن كل المعارك العباسية (الاشتباكات في محيط العباسية) كانت بنية إقتحام خط الدفاع الأخير وهو وزارة الدفاع فكان لزاماً علي العسكر إستخدام كل العنف ضدهم , من المسلمات أن متظاهري مجلس الوزراء متآمرين كانوا مدفوعين لحرق تراث مصر في المجمع العلمي وإحراج الجيش بتمثيلية البنت التي تقوم بتعرية نفسها , من المسلمات أيضاً أن متظاهري شارع محمد محمود كانوا حفنة من البلطجية يسعون ﻹقتحام مبني وزارة الداخلية , العنصرية الطائفية حسمت موقف الغالبية من حادث ماسبيرو والذي تم حصره في النهاية لتمرد من الأقلية ومحاولة إقحام الجيش لتهيئة المجال للتدخل الخارجي كما تنص أساطير الطائفيين وأقباط أمن الدولة وفي أحسن الأحوال تم التسليم أن هناك طرف ثالث تدخل وكان من حق الجيش التعامل وإن نتج عن التعامل سقوط الأبرياء فقط , حادث السفارة الاسرائيلية ﻻ يتذكره الكثيرون ولكن ﻻ مانع من وصف المشاركين فيه بالمتهورين والطيش أما حادث ماسبيرو فلا يذكره أحد رغم سقوط ضحايا ومعتقلين.

بعد نجاح الثورة المضادة في تزييف الحقائق ﻷحداث ما بعد التنحي اكتسبت الثقة لتشويه أحداث ما قبل التنحي بغرض تبرئة أولياء نعمتهم فبدأوا باللغط الأكبر وهو حرق أقسام الشرطة والآن أصبح أيضاً من المسلمات أن من هاجم الأقسام هم البلطجية والمسجلون خطر , من المسلمات أيضاً أن من قام بإقتحام السجون وفتحها وإطلاق سراح المجرمين لإرهاب الثوار وهدم الثورة هم حركة حماس وحزب الله مع تجاهل واضح لشهادة مساجين وفيديوهات تثبت خروج المسجونين في حضور الأمن وغياب أي طرف ثالث , بعد نجاح الثورة المضادة في تشويه كل تلك الحقائق تطلعت للمزيد من خلال إلصاق موقعة الجمل بالإخوان المسلمين في إتهام منافي للعقل والحقائق والشواهد. بعد كل ذلك التشويه ماذ تبقي للثورة ؟! ومن يسمي شهداء ؟! الآن صار من المتوقع تبرير قتل الأمن للمتظاهرين ﻷن الأمن كان في حالة دفاع عن النفس بعد تزايد الأعداد وعدم الإستجابة لمحاولات التفريق السلمي بالمياه والغاز المسيل للدموع

الخوف الآن أن يتحول ضحايا النظام إلي مجرمين والثوار لمرتزقة وعملاء ومخربين وأن تمحي ثورتنا من التاريخ فإن كان من حضر الأحداث تجاوب مع الأكاذيب وصدقها فما بالنا بأجيال قادمة لم تري القتل علي شاشة التلفاز ولم تري نظام مبارك وهو يزيد في طغيانه وفساده لدرجة تجعل من الطبيعي أن يقتل آﻻف ليحافظ علي ملكه , أعلم أننا مطالبون بحق الشهداء والمصابين ولكن ما وصلت إليه الحقائق من إتلاف يجعل من الضروري أن نرجع خطوة للوراء لكي نثبت الحقائق ثم نطالب بالحقوق بعد أن ننهي اللغط والتضليل فقد صارت سيرة ثورتنا في خطر وعلينا التحرك قبل أن تصبح أكذوبة أو يذكر للأجيال القادمة انها كانت فوتوشوب

الأربعاء، 1 أغسطس 2012

جريمة الطموح


بعد صراع طويل مع أفكار راسخة في المجتمع المصري وبعد تجارب مختلفة في أماكن مختلفة مع نوعيات مختلفة من البشر لقيت إن أفضل تفسير لمعاناة أصحاب الطموح في مصر هو إن المجتمع المصري بيعتبر الطموح جريمة يستحق المجرم اللي يرتكبها إنه يتعرض للإحباط والسخرية والفشل والشماتة. الطموح جريمة في مجتمع اعتاد علي المألوف والتكيف معاه حتي لو فيه أخطاء فادحة. الطموح جريمة في مجتمع مبرمج علي إن الواحد ﻻزم يلاقي شغل ويكوِّن نفسه ويتجوز ويخلف علشان يموت وهو محترم بين الناس حتي لو كان المقابل إنه يعيش حياته كلها في شقاء ونكد. الطموح جريمة في مجتمع مؤمن إن مفيش حاجة اسمها اشتغل الحاجة اللي بحبها ﻷنه شايف إن ده دلع وإن الشغل حاجة والمزاج حاجة تانية. الطموح جريمة في مجتمع بيعتبر أقصي نجاح في العمل إن الواحد يسير في خطوات ثابتة ويتدرج في المناصب علشان لما يطلع معاش يبقي اسمه مدير. الطموح جريمة في مجتمع مقياسه الوحيد للشغل هو الفلوس حتي لو كان المقابل خسارة الحياة الشخصية والاجتماعية وتقصير الراجل في حق أهله و تربية عياله. الطموح جريمة في مجتمع بيقيس نجاح الشخص بقدرته علي شراء عربية أحدث وشقة أرقي وإنه يدخل عياله مدارس لغات حتي لو كان الشخص ده عمره ما أضاف لباقي المجتمع أي شيء أو حتي شغال شغلانة تافهة. ببساطة الطُموح جريمة في مجتمع غير طَموح.

لو فكرنا في الموضوع من ناحية تانية هانلاقي إن طبيعي جداً يكون جريمة ماهو مجتمع أصبح عاجز عن الحلم طبيعي إنه ينبذ الحالمين. مجتمع فقد ثقته في نفسه طبيعي إنه يهزأ من ثقة الآخرين في قدرتهم علي التغيير. مجتمع شايف في الركود والقبوع في قاع البشرية إستقرار طبيعي إنه ينظر لكل مُطالب بالصعود علي إنه مجرم. مجتمع عاش عمره بمبدأ هذا ما وجدنا عليه آباءنا طبيعي إنه يرفض إن أي حد يبقي له وجهة نظر خاصة ويعتبره تمرد ويحاربه لحد ما يفشل إذا لزم الأمر. مجتمع وهم نفسه بالحياة طبيعي إنه يدفع الآخرين للموت. مجتمع استسلم للفشل طبيعي إنه يتمني الفشل للجميع علشان مايحسش بخيبته.

علي العموم كل الكلام ده مش فارق معايا ومستحيل اتأثر بمجتمع بشوف فشله في كل حاجة حواليا , مجتمع بيسمي الأحلام أوهام , والتغيير فتي , والرؤية فذلكة , والاستقلالية تمرد , و وجهة النظر فلسفة فارغة. كان ممكن أسمع كلام المجتمع لو كان مجتمع ناجح قدر يبهرني بإنجازاته لكن لما يكون مجتمع فاشل والأدلة يشوفها الكفيف يبقي غباء مني لو مشيت وري تعليماته ومن الآخر لو وجهة نظري ورؤيتي هايوصلوني للفشل فيسعدني جداً إني لما أفشل اكون فشلت بطريقتي وأنا بحاول أنجح.