الخميس، 19 ديسمبر 2013

تبلد مشروع

في يوم ما في احدي محطات المترو مرت وسط الحشود بملابس مهلهلة وشعر غجري امرأة تبدو غير طبيعية أو لعلها ممن يدَّعون الخلل العقلي لجمع المال بالتسول واقتربت من شاب وصرخت في وجهه ثم أكملت طريقها بعد أن تسببت فيفزع للشاب ولكل المتواجدين علي جانبي المحطة. فينفس المكان كان يجلس شاب علي مقعد المترو يتابع ذلك الموقف بكل برود وكأنه يشاهد حلقة قديمة من الكاميرا الخفية التي يغلب عليها التصنع والأداء غير المقنع.فجأة قررت تلك المرأة النزول إلي قضيب المترو وظن الركاب أنها في طريقها للانتقال إلي الجانب الآخر ولكنها قررت أن تعصف بهدوئهم بوقوفها علي القضيب دون أن تكمل طريقها للجانب الآخر، تعجب الجميع وتبادلوا نظرات تحمل معني ماذا تفعل تلك المختلة وذلك الشاب مازال جالساً في مكانه دون إبداء أي انطباع محتفظاً بنفس ملامح وجهه التي تعبر عن شعوره العميق بالملل.

انتهت حالة التعجب وقضيت فترة التساؤل بعد أندوي في المكان أصوات الإنذار لتعلن عن قدوم القطار، فحل الذعر علي الجميع وملأ التوتر أرجاء المحطة، البعض بدأ في تنبيه المرأة الواقفة في طريق القطار، البعض أصابه الخوف بالشلل وفقد القدرة علي فعل أي شيء. اقترب صوت القطار أكثر فأكثر فبدأ البعض بالصياح أكثر وأكثر لتنبيه المرأة والبعض الآخر بدأ في تغطية عينيه حتي لا يري مشهداً من المتوقع أن يكون دموي، كل ذلك والشاب الهادئ يحافظ علي هدوئه ولا يحرك ساكناً و ﻻ يغير تعبيرات وجهه معلنا إصراره علي عدم التفاعل كما ينبغي لأي آدمي أن يتفاعل.

اقترب صوت القطار بشكل أكبر وكما يبدو أن تلك المرأة لم يعد أمامها الكثير لتختفي من عالم الأحياء فحل الصمت والسكون المحطة وبدا الجميع وكأنهم تماثيل تم نحتها لتعبر عن معني الذعر. وفجأة هلعت المرأة وكأنها فاقت من غيبوبة وهرولت مبتعدة عن القضبان ودخل القطار المحطة بسلام لتعود تلك التماثيل إلي الحياة وتبدأ مرة أخري في التنفس والتحرك رغم ترك الصدمة أثرها علي الجميع باستثناء ذلك الشاب الذي أخيراً تحرك من مكانه ليلحق بالقطار مع الاحتفاظ بتعبيرات الملل وعدم التفاعل.

كل ما سبق ذكره قصة حقيقة وحدثت بالفعل دون تحريف والشاب البارد الهادئ المحتفظ بملامح الملل هو أنا ولا أنكر أنني فوجئت برد فعلي مثل أي شخص سيفاجأ ويسب ذلك الشاب غير أنني بالتأكيد لم أسبه. أعرف أن للخطر هيبة وللموت جلالة لكن أية جلالة التي تتحدثون عنها ؟ نحن خلال عامين سمعنا بسقوط قتلي كالذين يعيشون في دولة محاربة،لقد مرت علينا أيام كنا نقرأ خبر سقوط عشرات ولا نعلم هل ذلك الخبر في سوريا أم فلسطين أم في مصر حتي نصل لنهاية الخبر،لقد اصبحنا نعيش ونتعايش مع الموت.حدثوني أكثر عن شخص لكي يذهب لعمله يومياً يستمع للراديو ليس لمعرفة الشوارع المزدحمة وإنما لمعرفة مناطق الاشتباكات لتجنبها،حدثوني أكثر عن سماعنا يومياً بقصص حوادث قطع الطرق والأستاذ فلان جارنا الذي قطعوا عليه الطريق الدائري وسرقوا سيارته بالإكراه، وابن الحاج علان الذي كان عائداً ليلاً فخرج عليه بعض المجرمين سرقوه وعندما قاومهم قتلوه، حدثوني أكثر عن شعورنا عند سماع أول حادث تعذيب في الأقسام وشعورنا الآن بعد سماعنا بحالات تعذيب جماعي في سجون رسمية وأخري غير رسمية. لقد عشنا جميعاً أكثر من عامين في حياة استثنائية، لذا كان علينا الاختيار بين تجميد الحياة وبين استمرارها.ذلك الاختيار في باطنه الاختيار بين التفاعل الآدمي والتبلد، مع ملاحظة أن التفاعل الآدمي يعني أن تقف الحياة من هول الصدمات الإنسانية ولكننا قررنا أن تستمر الحياة فلا تلوموني علي التبلد فهو تبلد مشروع

الثلاثاء، 10 ديسمبر 2013

خوف


كانت تسير في أحد الشوارع الجانبية الهادئة نسبياً تتلفت حولها خوفاًَ من تعرضها لأي من الحوادث الشائعة في يومنا هذا وفجأة أصيبت بالفزع بعد أن ظهر أمامها طفل صغير يرتدي ملابس متهالكة معه عدد بسيط من الزهور يقوم ببيعها لكسب عيشه وعندما عرض عليها شراء زهرة ابتسمت له وكانت في طريقها لإخراج نقود من حقيبتها حتي قاطعتها نفسها محذرة "قد يكون ذلك الطفل تابعاً لعصابة ما وتلك الزهور التي يبيعها عليها مادة مخدرة فيعطيها لي ويطلب مني استنشاقها حتي أفقد وعيي ولا أدرك ما قد يُفعَل بي بعد ذلك"فجأة تغيرت ملامح الفتاة وتجاهلت الطفل وسارعت في خطواتها لتفلت منه لكنه لم يفقد الأمل وسار وراءها متوسلاً مساعدتها.

ظل الطفل يتوسل للفتاة وهي تسير بخطوات سريعة حتي لمحت رجلاً طاعناً في السن فاقتربت منه وقالت له: لو سمحت أنا خائفة من ذلك الطفل وهو لا يكف عن ملاحقتي .. هلا وبخته وأبعدته عني. ابتسم لها العجوز قائلاً: لا تقلقي يا ابنتي وفجأة حدثته نفسه محذرة "قد تكون تلك الفتاة تابعة لعصابة ما وذلك الطفل ما هو إلا شريك في تلك المسرحية ليقوموا باستدراجي وسرقتي.. وربما قتلي" فجأة تغيرت ملامح العجوز وتجاهل الفتاة وسارع في خطواته حتي لمح سيارة أجرة فأوقفها وركب بها مسرعاً.

وصل العجوز إلي المنطقة التي يسكن بها و بدأ في توجيه السائق للدخول في شوارع جانبية ليصل مباشرة إلي بيته الهادئ فمن هم بمثل عمره لا يستطيعون السير لمسافات مهما كانت بسيطة وكفاهم سلالم العمارة. قال العجوز موجهاً السائق: اليمين القادم يا ابني. فرد السائق مبتسما: حاضر يا حاج وفجأة حدثته نفسه محذرة "قد يكون ذلك العجوز تابعاً لعصابة ما ويقوم باستدراجي لشارع مظلم حيث ينتظرني أنصاره من أفراد العصابة فيقوموا بمهاجمتي وسرقة العربة التي هي كل ما أملك.. بالضبط مثلما حدث مع زميلي الأسبوع الماضي"فجأة تغيرت ملامح السائق وطلب من العجوز النزول وتجاهل عدم قدرته علي سير تلك المسافة الطويلة مع صعوبة مرور سيارة في مثل ذلك المكان.

انطلق السائق في الطريق السريع للوصول لمكان تزداد فيه فرصة الحصول علي راكب جديد وفجأة انفجرت احدي عجلات السيارة فتدارك الموقف وببراعة تمكن من السيطرة علي السيارة والوقوف جانباً. ياله من توقيت سخيف ومكان سخيف فإن العجلة الاحتياطية للسيارة معطلة وتركها عند الميكانيكي لإصلاحها وذلك الطريق بعيد عن أي ورشة قد يجد بها حل لتلك الأزمة.وقف السائق علي الطريق يلوح لكل السيارات القادمة لتقله إلي أقرب عمار يستطيع فيه أن يجد حلاً لأزمته لكن تلويحه لم يكن مجدي، فلا أحد يقف في وسط طريق سريع مظلم ليساعد شخصاً غريباً قد يكون تابعاً لعصابة ما تختبئ في الظلام تنتظر توقف أي سيارة لتقوم بمهاجمة ركابها.

السبت، 2 نوفمبر 2013

من ست البنات إلي ستات البنات


ما زال مشهد ضرب وسحل فتاة أحداث مجلس الوزراء من المشاهد الخالدة في ذاكرة الثورة المصرية نظراً لأهمية الواقعة وإقرارها لكثير من الأمور.. أولها كان صدمة الجميع في طريقة التعامل مع فتاة مطاردة من جحافل من الكائنات التي ترتدي الزي المميز للجيش المصري.. فكيف في بلد كانت النخوة احدي علاماته يحدث فيه مثل تلك الواقعة! ثانيها كان الصراع الذي نشب بين المؤيدين للمجلس العسكري وبين المعارضين منضم إليهم كل من تبقي في داخله نخوة وغيرة الرجال وذلك الصراع كان صادماً أكثر من المشهد نفسه حيث اتضح أخيراً أن صفة الشعب الشهم ذو الدم الحامي مجرد كذبة تم تداولها والتصديق عليها دون اختبارها.. ثالثها قبول وإقرار طريقة التعامل الهمجية كرد فعل مقبول في المجتمع ضد من يخالفهم الرأي فاتضح أن هناك الكثير من أهل مصر يقبلون بالعنف والضرب والتعذيب وسحل وتعرية الفتيات كنوع من العقاب لما يرتكبن ضد النظام الذي يوفر لهم الاحتياجات الحيوانية

تكررت الكثير من الوقائع المشابهة من اعتقال وتكدير والإهانة الجسدية للمشاركات في المظاهرات بعد أن اعتدن علي الطعن في شرفهن من سفهاء الإعلام وكلاب السلطة وأنجاس الشعب ولكن في كل حادث كان يتم الرد بشكل خاص علي الحادث.. مظاهرات حاشدة، مسيرات حرائر مصر، وقفة للدفاع عن حرية التظاهرة، تحركات من منظمات حقوقية لرفض الإرهاب الجنسي... وغيرها من الفاعليات التي كانت تعبر بقوة عن كم الغضب بداخل الجماهير ضد ما حدث من انتهاكات.. فبرغم ما طرأ علي المجتمع إلا أن مازال به من ﻻ يحتمل إهانة المرأة ويتقبل تعرضه هو شخصياً لكل أنواع التعذيب لكنه ﻻ يطيق أن يسمع بأن ضرر ما حل بفتاة أو سيدة
اليوم بعد شهور من القتل والعنف والتصدي بقوة مبالغ فيها للمظاهرات المؤيدة للشرعية والرافضة لما حدث بعد الثلاثين من يونيو وبعد شهور من التنكيل وتعمد تعميم العقاب ليشمل كل من يعترض وكل من يبدي تعاطفاً مع المعارضين للنظام الحالي عاد الوجه القبيح للأمن في الظهور من جديد وعدنا لنسمع عن فتيات تم القبض عليهن لحيازتهن بلالين معارضة ومن جديد صرنا نري صوراً لسيدات في سن يجب علينا احترامهن وتكريمهن يتم اقتيادهن إلي عربة الترحيلات.. أصبح لدينا الآن ضحايا من النساء وصار عندنا المزيد من الحرائر اللاتي يتعرضن لما ﻻ يطيقه رجل وبالتأكيد ستعود عبارات "إيه اللي وداها هناك وهي تستاهل وآدي أخرة اللي يتحامي في الحريم" في الظهور مرة أخري وكل ذلك رغم بشاعته قد يكون مقبولاً فنحن لا ننتظر أن نتعلم الطهارة من حفنة أنجاس ولكن هل سنري رداً يتناسب مع الحدث؟ هل ستنفجر الشوارع بمظاهرات تنتفض من أجل حرائر مصر؟ هل تلك النخوة التي حركتنا في الماضي سوف تقودنا لتكرار ما فعلناه حينها؟ أم سننضم نحن أيضاً إلي ركب: تستاهل.. إيه اللي وداها هناك؟

الأحد، 27 أكتوبر 2013

هل قارننا بدقة بين دولة مرسي ودولة حسني؟

بعد سقوط مرسي تعالت الأصوات بالمطالبة بمحاكمته هو وكل من كان ركناً في دولته حتي أن بعض القنوات استخدمت مصطلح رموز النظام لوصف مرسي وقيادات الإخوان.. البعض احتسب نظام الإخوان نظاماً فاسداً أضاع مصر ودمر مستقبلها المبهر وتغلغل في كل المؤسسات ليفرض سيطرته علي مفاصل الدولة حتي يستطيع الاستمرار إلي الأبد والبعض طالب وبشدة تطبيق أقصي درجات العقوبة علي مرسي لتصل إلي إعدامه عقاباً له علي ما ارتكب خلال حكمه.

اللافت للانتباه والمثير للدهشة في الوقت ذاته هو تعظيم إثم الإخوان ليصبح إثم مبارك ودولته أمراً هيناً ﻻ يستحق ذكره، ومرسي ورموز نظامه صاروا المطلوبة رؤوسهم ﻻ نظام مبارك مما دفعني للتساؤل: هل قارننا بدقة بين دولة مرسي ودولة حسني؟ قد يصلح سؤالاً معقداً في الثانوية العامة أو حتي مشروع تخرج لفريق عمل يضم طلبة من تخصصات مختلفة: إذا كان لدينا نظاماً حكم دولة لمدة تقدر بحد أدني 30 عاماً ونظاماً آخر حكم نفس الدولة لمدة عام واحد.. اثبت أن النظام ذو العام الواحد تمكن من إفساد الدولة بشكل يمثل أضعاف ما أفسده النظام ذو الثلاثون عاماً
 
في مقارنة سريعة بين النظامين فمبارك بدولته تمكن من بناء نظاماً أمنياً له قدرة هائلة علي البطش والظلم واستخدام العنف لحماية تلك الدولة واستطاع أن يخترق المؤسسات الحكومية بعديمي الكفاءة الذين يحافظون علي تطبيق السياسات التي تتلي عليهم من النظام واستطاع أن يخترق السلطة التشريعية ليبلي الشعب بترسانة من القوانين التي من شأنها حماية مصالحه وضمان عدم التعارض بين سياساته والقانون واستطاع أن يخترق القضاء لضمان عدم محاسبة إلا من يسمح هو بمحاسبته واستطاع أن يؤسس نظاماً إعلامياً فاسداً يجمل صورته ويروج لأمجاد وإنجازات وهمية واستطاع أن يصنع نظاماً تعليمياً انشغل لسنوات بحذف السنة السادسة وإعادتها وتجاهل انهيار منظومة التعليم وصلت قدرة ذلك النظام إلي القدرة علي اختراق المؤسسات الدينية لضمان الغطاء الديني بمشايخ باعوا آخرتهم بثمن بخس أما المؤسسة العسكرية فهو لم يكن بحاجة لاختراقها.. فماذا نجح نظام مرسي في تحقيقه مما سبق ذكره؟

في الواقع كل الدلائل تؤكد أن نظام الإخوان لم يكن بقوة نظام دولة مبارك الباقية بعد زوال مبارك مع تغيير رمزها. ﻻ يمكن بكل المقاييس المساواة بين نظام كان يغلق شوارع رئيسية لقربها من قصر الرئيس ونظاماً لم يستطيع منع المتظاهرين من الوقوف علي أسوار القصر وكتابة عبارات معارضة للرئيس، لا يمكن المساواة بين نظام كان يعدل في دستور الدولة -ليستمر حكمه- بمكالمة هاتفية ونظام كان يصدر القرار والمحكمة الدستورية تقوم بإلغائه، ﻻ يمكن المساواة بين نظام أمر الجيش بمساندة الشرطة لقمع المعارضين فشارك في قتلهم ونظام أمر الجيش بفرض حظر التجول فقام بتنظيم دورات كرة قدم مع المواطنين.. نعم لنظام الإخوان جرائم وخطايا ولكن ﻻ يصح أن تتساوي بجرائم وخطايا دولة مبارك.. نعم ستتم محاسبة مرسي والإخوان علي كل ما ارتكبوه وقد يحاسبوا علي ما لم يرتكبوه أيضاً ولكن ذلك فقط ﻷن النظام الحقيقي يريد أن يحاسبهم فتلك هي الحقيقة.. نحن نملك محاكم لمحاسبة المغضوب عليهم من النظام وﻻ نملك محاكم لمحاسبة النظام نفسه.. لن أعارض ما يرتكب في حق الإخوان ولكن بشرط أن يرتكب في حق دولة مبارك أضعاف ذلك بشكل يتناسب مع فارق الفساد


الجمعة، 11 أكتوبر 2013

احنا بتوع الحظر: حلقة 8 (الأخيرة)

الليلة دي مقدرناش ننام من الزحمة في الأوضة ومن الريحة في نفس الوقت ده غير الواد المبرشم اللي يحسسك بالقلق طول ما أنت موجود معاه في مكان واحد.. الصبح دخل عسكري وخدنا لعربية الترحيلات قام الواد أبو تي شيرت سبونج بوب قعد يعيط ويقول والله مظلوم والله مظلوم وكان واضح عليه التأثر بالأفلام العربي الهابطة وآدء تامر حسني لما بيمثل إنه بينهار.. الراجل السوري قال: بشار إيفري وير.. قلت لابن خالتي: مكنش له ﻻزمة أم المشوار ده خالص.. ابن خالتي قال لي: مكنش له ﻻزمة تزعق في أم الضابط.. المبرشم قال: تعالي كدة شوية يا كابتن عشان أخوك محصور وعايز يفك ميه

عربية الترحيلات مشيت بينا لحد ما وصلنا لمبني وسط عماير وناس رايحة وناس جاية واللي أول ما شوفتهم قلت لنفسي: أهو أنا كنت زي الناس دي امبارح بس. نزلنا من العربية وطلعنا في نفس الطابور لحد ما وقفنا علي باب مكتب وكيل النيابة ودخلونا واحد ورا التاني.. الواد بتاع سبونج بوب خرج يقول: أنا؟ بقي أنا بضرب الجيش؟ ده أنا حتي متصور مع عساكر كتير يوم 30 يونيو. السوري خرج يقول: يعني أنا هسيب بيتي وملكي واغترب واشقي في بلاد غريبة عن وطني علشان اسقط نظام الحكم عندهم؟ طب ما كنت اسقطه عندنا. المبرشم خرج من عند وكيل النيابة يقول: ده باينه ضابط مصطبح وﻻ إيه.

الصراحة مكنتش عارف هم اتقال لهم إيه جوة بس لما دخلت عرفت. وكيل النيابة قال لي وهو زهقان مما يدل علي تكرار نفس الكلام كتير قبل كدة: التهم المنسوبة إليك الاعتداء علي القوات المسلحة وحرق المقار الشرطية والانتماء لجماعة ارهابية واستخدام السلاح لقتل الأبرياء وتدمير مساجد وسرقة سيارة بالإكراه والتخابر مع دولة أجنبية.. المهم قعد بتاع ربع ساعة يقول في تهم وبعد ما خلص قال لي: ما قولك فيما هو منسوب إليك؟ أنا قعدت ربع ساعة برضه علشان استوعب بعد كدة قلت له: تاني معلش علشان نسيت.. كنت فاكر إنه هيعمل حاجة من الاتنين إما إنه يشتمني أو إنه يعيد الكلام تاني لكنه في الحقيقة عمل حاجة تالتة خالص ولقيته بيقول: وقد أنكر المتهم جميع التهم المنسوبة إليه.. تعالي امضي علي أقوالك

طلعت وأنا مصدوم فلقيت ابن خالتي معاه محامي.. بصيت له وقلت: ده جبته إزاي ده؟ قال لي: وأنت جوة لقيت عسكري جاي بيقول لي مش عيايز تعمل مكالمة؟ قلت له بس أنا مش معايا فلوس قال لي مش مشكلة لما أهلك ييجوا ابقي خد منهم واديني.. واضح إنه بيعمل كدة كتير. بعد ما دخل مع المحامي خرج مبسوط وبعد كدة اتنده علي تاني ودخلت وخرجت مبسوط.. الصراحة تدخل المحامي والوسايط اللي جابهالنا خلصت الموضوع وخدنا اخلاء سبيل لعدم وجود أدلة.. مع إننا كان ممكن نتحبس ونشيل قضية وبرضه مفيش أدلة


لما خرجنا عرفنا إن الونش خد العربية من الكمين فقلت لما أروح واستحمي وأنام ابقي أروح أخدها.. أول ما روحت لقيت أبويا بيقول لي: أمك كلمتك 100 مرة ابقي كلمها علشان دي ناوية تقتلك.. كنت عايز أقول له: هو حضرتك مش مستغرب من إني مرجعتش امبارح وراجع دلوقتي مبهدل؟ بس بصراحة مكنش في حيل للكلام.. دخلت خدت دش وبعدي ابن خالتي واديته هدوم نضيفة علشان يروح لكنه نام بيها علي الأرض.. نمت أنا كمان وصحيت علي صوت أمي بتصحيني وهي بتزعق: تصدق إنك معندكش دم.. مش بترد علي موبايلك وكل ما اتصل بيك أبوك يقول لي لسة مجاش ودلوقتي نايم؟ يعني آجي بتاكسي من عند خالتك علشان سيادتك  معندكش دم؟
 بصيت لها وقلت: معلش يا ماما حصل لي موقف امبارح صعب شوية ردت علي: موقف إيه ده.. المهم اعمل حسابك الجمعة اللي جاية أنا وخالتك نازلين المول تاني علشان في حاجات عايزين نرجعها.. في اللحظة دي لقيت ابن خالتي صحي فجأة من النوم ووقف يصرخ وطلع يجري من باب الشقة وهو بيقول ﻷاااااااااا ونسي يلبس بنطلونه.. أما أنا فقعدت أغني: تسلم الأيادي.. والأيام بتجري.. والله لسة بدري والله يا جيش بلادي

تمت

الأربعاء، 9 أكتوبر 2013

احنا بتوع الحظر: حلقة 7


بعد ما بجحت في الضابط وبعت العساكر يقبضوا علينا لقيتهم بيزقونا وابن خالتي بيقول لهم: هو أنا عملت حاجة.. لقيت نفسي برد عليه بتلقائية: يعني هو أنا بروح أمك اللي عملت حاجة. العساكر خدونا عند بوكس شرطة وعربية جيش فلقيت ضابط داخلية بيسألنا: ها.. سجن حربي وﻻ قسم ؟ لقيت كل اللي جي في بالي الاغتصاب في الأقسام وكشوف العذرية والكهرباء في السجن الحربي.. فقلت له: س 28 بعون الله.. الضابط نده علي ضابط جيش وقال له: قابل.. زبون جديد.. بص لابن خالتي وقال له: وانت ؟ وﻻ اقول لك روح معاك مش ناقصين.... وقال كلمة كدة مش حلوة مفيش داعي لذكرها.

دخلونا عربية جيش لقينا ناس كتير جوة وتقريباً العربية دي كانت بتحمل وواقفة علي نفرين ولما ركبنا الضابط قال للعسكري اطلع بدول وتعالي بسرعة.. شكلها ليلة مفترجة.. بسعادة غير مفهومة اتحرك العسكري بينا وفضل ماشي زمن طويل لحد ما وقفنا عند بوابة مش عليها أي معالم وﻻ يفط وﻻ أي حاجة.. سألت باستظراف علشان اهدي نفسي: أومال فين يافطة س 28 ؟ لقيت عسكري بينزلنا وبيقول لي: لما تدخل جوة هنطلعها من... وذكر مكان في جسمي مفيش داعي لذكره

أول ما نزلنا من العربية قالوا لنا اقفوا طابور وبعد كدة مشونا لحد جوة وأول ما دخلنا بدأوا يفتشونا.. العسكري اللي بيفتشني قال لي: معاك ممنوعات؟ ولما طلع من جيبي الموبايل بص له وقال لي: ده ممنوعات.. شوية وطلع المحفظة فتحها لقي فيها فلوس فقال لي: دي ممنوعات.. قبل ما يكمل طلعت مفتاح العربية وقلت له: في ممنوعات تانية راكنة عند الكمين.. بص لي وقال لي: الممنوعات دي تبقي... وذكر أحد أفراد العائلة مفيش داعي لذكره

دخلونا أوضة ضيقة كانت مليانة بالفعل بناس تانية كتير ولما احنا دخلنا عليهم مكنش في مكان غير يا دوب نقف. بعد ما خرجوا كان عندي فضل أعرف احنا محبوسين مع مين فلقيت قدامي شاب كان متوتر وبيترعش من الخوف ولسة بحط ايدي علي كتفه وهسأله أنت جيت هنا ليه لقيته اتنفض ولف لي وقال: أنا معملتش حاجة والله ما عملت حاجة.. فقلت له انت إيه اللي جابك: قال لي كنت معدي علي الكمين فلقيت ضابط بيشاور علي وقال للعساكر: هاتوا ال.. وقال وصف مفيش داعي لذكره ولما خدوني ليه قال لي: تعالالي يا بتاع رابعة.. استغربت جداً ﻷن الواد شكله سيس أصلاً بس فهمت لما لقيته لابس تي شيرت أصفر وبالتدقيق في ضوء القمر شوفت رسمة سبونج بوب علي صدره.. بس تقريباً الضابط مخدش باله منه أو افتكر سبونج بوب ده أحد قيادات الإخوان 

واحد تاني كان باين عليه إنه صنايعي أو سواق أو حد بسيط يعني فقلت له أنت بقي إيه اللي جابك؟ قال لي: منظري معجيش الباشا.. قلت له باستغراب: باشا مين.. قال لي بصوت يدل علي تناوله تشكيلة ﻻ بأس بها من البرشام: يا عم الباشا.. بتاع الكمين.. فقلت له: بس مش أنت المفروض تروح القسم؟ قال لي: ما هو أنا كنت رايح أركب البوكس بتاع الحكومة بس ركبت بالغلط عربية الجيش ولما الناس قالت لي إن دي العربية اللي رايحة الجيش جيت أنزل الضابط قال لي والله ما أنت نازل قبل ما نعمل معاك الواجب.. منظر الراجل ده وطريقة كلامه خلوني ابعد عنه وخصوصاً بعد ما سألني: ممعكش حاجة.. أخوك خرمان.. لقيت راجل بلحية واقف علي جنب فقلت لنفسي أكيد هو ده اللي جابنا كلنا هنا رحت سألته هو أنت إيه اللي جابك قال لي: أنا سوري بس الضابط افتكرني فلسطيني وقال لي تعالي يا بتاع حماس رغم إني وريته الباسبور اللي مكتوب فيه إني سوري

قبل ما أكمل تعارف علي الجمع السعيد سمعت عسكري بيفتح الباب ونقل نص اللي في الأوضة لمكان تاني أتمني يكون أوضة تانية علشان المكان مش مكفي وقال لنا: بكرة هتتعرضوا علي النيابة.. بصيت لابن خالتي وقلت له: معاك ممنوعات؟
يتبع

احنا بتوع الحظر: حلقة 6

يا فندم مينفعش كدة.. قلتها بصوت عالي وبغضب لفت انتباه الكل.. تقريباً كله سكت ومبقاش في صوت. الضابط كان بيكلم البنت اللي في العربية وما سمع صوتي لف رقبته 45 درجة منغير ما يحرك جسمه وقال للبنت طب اتفضلي أنت.. ولف لي. بنفس الخطوات البطيئة لقيته جاي علي بس طبعاً وشه مكنش زي ما كان بيكلم البنات.. فجأة بدأت احس إنه ضابط جيش بجد وإن التدريبات القتالية شكلها عملت شغل هايل وعلشان يأكد لي الشعور ده لقيته بيطرقع صوابعه وهو بيبص للعساكر اللي لقيتهم استعدوا بمجرد ما بص ليهم. ابن خالتي وصل له نفس الشعور بالخوف ولقيته بيردد بشكل متكرر وبصوت واطي: ليه كدة؟ ليه كدة؟ ليه كدة؟

جي الضابط جنب العربية ومعملش زي ما بيعمل مع عربيات البنات.. لقيته بيقول لي وهو بيبص بعيد في إشارة لعدم الاهتمام: انزل.. أنا طبعاً نزلت وقلت له احنا واقفين بقالنا كتير.. حضرتك(طبعاً بصوت غير اللي استخدمته من شوية) لقيته بيقول لي بصوت تصاعدي: يعني هو أنا واقف بلعب؟ ما أنا بشوف العربيات التانية وﻻ أنت علي رأسك ريشة؟ سمعت أنا التعبير ده ضايقني الصراحة وعصبني بس قلت لنفسي المسامح كريم ورديت عليه: حضرتك الحارتين التانيين عمالين يمشوا واحنا واقفين بقالنا ساعة.. رد علي بعصبية: قصدك إيه يعني؟ طبعاً كان نفسي أقول له إنه بيتدلع مع البنات وسايبنا احنا نولع بس قلت لنفسي عفا الله عما سلف ورديت عليه: مش قصدي حاجة بس أنا بتكلم عن إن كلنا واحد وفي مساواة.. وﻻ إيه؟ قام رد علي بقوة: ما هو لو أنت واقف بالساعات علي رجليك بعيد عن بيتك علشان تحمي الشعب مكنتش قلت كدة وبعدين المفروض محدش يمشي وقت الحظر لكن علشان احنا مقدرين ظروف الناس اللي يهمونا بنسيبهم يعدوا مع التأكيد علي سلمهم وأمنهم.. فجأة لقيت الناس بتصقف واللي بيقول تسلم الأيادي واللي بيقول الله أكبر علي جيشنا وساعتها بس عرفت إن الضابط ده واخد كورس في الشؤون المعنوية

ظيطة الناس وكهن الضابط وإحساسي بالإهانة خلوني أخرج عن شعوري فقلت له: شعب إيه اللي بتخدموه هو انتوا هتكدبوا الكدبة وتصدقوها... بس.. صوت الصمت ملي المكان والناس بصت بترقب منتظرين يعرفوا الضابط هيعمل إيه.. تقريباً الضابط مكنش هيعمل حاجة بس لما الناس بصت له كدة حس إن شكله هيبقي وحش فلقيته بيقرب من وبيقول لي بحنية: هو والد حضرتك بيخدم في سلاح إيه؟ قلت له: أنا أبويا مش ضابط أصلاً.. فقال لي بنفس الحنية: أومال بيشتغل إيه؟ قلت له: والدي رئيس قسم في مستشفي خاص.. ومرة واحدة لقيته كشر وبص لي كأنه هياكلني وقال لي: أنا بقي هوريك الكدبة اللي صدقناها ومش هسيبك غير لما تصدقها.. بص للعساكر وقال لهم: هاتوه.. بعد كدة بص لابن خالتي وقال لهم: وهاتوا ده راخر

يتبع

الجمعة، 4 أكتوبر 2013

احنا بتوع الحظر: حلقة 5


لما قربنا من الكمين لقيت ضابط رتبة كبيرة واقف علي الرصيف بيبص بنفس البصة بتاعة أي ربتبة كبيرة (اللي هي تناكة) وكأنه بيقول في سره: انتوا وﻻ حاجة. الكمين نفسه كان مكون من مدرعة قافلة نص الطريق وباقي الطريق مقفول بحاجز مرور ومبقاش في مكان غير لمرور عربية واحدة بس. العساكر اللي واقفة في الكمين نظرتهم كانت متناقضة.. شكلهم مبسوطين إنهم في الشارع بس في نفس الوقت زهقانين من السحلة دي والوقوف لتفتيش مئات السيارات اللي اخترقت حظر التجول.. الوحيد اللي كان مبسوط هو ضابط صغير روش من اللي صورهم منتشرة علي الفيس بوك والبنات شايفاهم جون ترافولتا في عز أيامه وعمر الشريف في أجمد فترات شبابه واللي الشباب بيشوفوهم محتاجين ينشفوا شوية علشان يبقوا رجالة وينشفوا أكتر علشان يبقوا رجالة جيش.

سر سعادة الضابط هو شعوره أخيراً إن الجيش حلو وإن وسامته بقت تترجم جاذبية مش حاجة تانية وإنه هيقابل ناس يقولوا عليه كيوت مش.... طري. المثل بيقول يا كتكوت مين كتكتك قال ملقتش حد يلمني.. الشاب اللطيف ده كان بيمارس عمله في الكمين بنفس أداء هاني سلامة في فيلم الأولة في الغرام. كان كل ما يشوف عربية كل اللي فيها دكرة أو ناس كبيرة في السن يقوم باعت العسكري يفتشها ويشوف رخصها.. لكن لما كان بيشوف عربية فيها مزز كان بيشبط علي طول. دخلة الضابط كانت مميزة قوي وبتدل علي تأثرة بنجوم المحن في الوسط الفني.. يعني تلاقي يبص للبنات اللي في العربية من بعيد وبعد كدة يبتسم ابتسامة خفيفة وهو بيبص في الأرض ويبدأ يتحرك بالتصوير البطئ علي أم إن المخرج يشغل مروحة تطير شعره وتخلي اللبس يجسم عليه علشان يحلل التدريبات والفرق اللي خدها في الأساس علشان اللياقة كمحارب مش كواحد جاي يشقط.

بخطوات بطيئة مع النظر يميناً ويساراً ثم الوقوف أمام شباك السيارة ثم النزول ببطء ليطل بوجهه الكيوت علي فتيات السيارة منتظراً منهن صيحات الإعجاب وانتشار حالة الإغماء بينهن. ثم يقول بصوت ذكوري هادئ صادر من حنجرته ليؤكد للجميع علي سلامة هرموناته: الرخص.. يتناول الرخص بنفس معدل البطء ويقول دون أن ينظر: إيه اللي أخرك لحد دلوقتي يا (الاسم الذي قرأه في الرخصة) .. ينظر اليها ويكمل: مش عارفة إن في حظر ؟ طبعاً هي ترد بدلع: معلش أصلي كنت بوصل واحدة من صحباتي فالوقت سرقنا.. يرد بسماجة: تؤ تؤ تؤ تؤ.. واللي لو الوقت عدي هنا ﻷقبض لكم عليه بنفسي.. تضحك الفتيات بصوت عالي فيبتسم الضابط بعد أن نجح في إرضاء غروره فيعيد الرخص للفتاة ويقول لها: اتفضلي ولو قابلك كمين تاني قولي لهم إن الوقت سرقني وأنا بلغت عنه عند النقيب كريم السويفي.

طبعاً أنا وابن خالتي قلنا كل اللي يتقال من تريقة وشتيمة وتقليد ولو كان معانا كمبيوتر ساعتها كنا ركبنا له صورة ونشرناها. الموضوع مع أول عربية كان عادي أو بمعني أدق حاولنا نتقبله ونضحك علي نفسنا ونقول عادي بس مع تكراره والعطلة اللي بقينا فيها اتخنقنا. العربية اللي جنبنا كان فيها بنات من شكلهم تأكدنا إن الضابط هيقف يلاغيهم ساعة وبالفعل بدأ في التحرك بنفس الأداء السينمائي الرخيص لحد ما وصل للعربية ووقف جنبها ولسة هينزل للشباك ويكمل وصلة المرقعة خرجت عن شعوري وقلت له يا فندم لو سمحت احنا كدة بقالنا كتير والعربيات اللي جنبنا كلها عمالة تعدي واحنا ﻷ.. بالتأكيد مكنش تصرف سليم إني اتعصب علي ضابط واحرجه قدام بنات وكل ده واحنا في وقت حظر وحالة طوارئ.. للأسف ده اللي ادركته بعد كدة.

يتبع

الثلاثاء، 1 أكتوبر 2013

احنا بتوع الحظر: حلقة 4

انطلقنا بالعربية من المول الساعة 5:30 ومفيش كام شارع ولقينا زحمة رهيبة.. ابن خالتي قال: الناس كلها بتروح في الوقت ده علشان الحظر وبيبقوا مستعجلين وبيسوقوا بشكل بشع.. ردت عليه خالتي: ما هو علشان مصلحتهم.. الجيش بيعمل الحظر علشان الناس تروح وهم يمسكوا الارهابيين.. تدخلت وقلت: يعني هم الإرهابيين بيفضلوا قاعدين في الشارع بعد ما احنا بنروح والأمن بيمسكهم ؟ وبعدين ما هي كل المظاهرات اتضربت بالنهار وبعيد خالص عن الحظر ومحدش منع الجيش وﻻ زعل منه.. إيه ﻻزمة الحظر بقي؟ ردت خالتي: هو أنت بقيت إخواني؟ قلت لها: أنا مش فارق معايا الاتنين بس صعبان علي أروح يوم أجازتي الساعة 7 ده أنا مكنتش بعملها وأنا في المدرسة أقوم اعملها دلوقتي.. علقت أمي: هو احنا كدة ميعجبناش العجب

وصلنا لبيت خالتي واللي كان بالنسبة لي نهاية المأساة والمعاناة.. بكل الحب طلعت أنا وابن خالتي الحاجات اللي اشتروها و طبعاً أمي وخالتي مسكوا فينا علشان نبيت هناك ومانرجعش عندنا لكن برضه بكل الحب رفضنا خوفاً علي علاقتنا بأمهاتنا  ونزلنا وأول ما ركبنا العربية أطلقنا صيحة كلها حماس بتعبر عن سعادتنا اللي مطولتش معانا بعد ما عيننا جت علي الساعة. الواحد لما بيعرف إن معاد الحظر جي والجيش نصب اللجان وهو عنده مشوار هيجبره يعدي علي طرق رئيسية كتير مما يعني مقابلته لأكتر من لجنة بيبقي عنده نفس شعور لعيب الكورة اللي خسران 7-صفر وفاضل علي الماتش 5 دقائق ولو خسر هيخسر البطولة أو نفس احساس الست اللي جالها الطلق والمستشفي بعيدة ومفيش تاكسي عاوز يقف لها وجوزها في الشغل ومش هيقدر يجيلها أو نفس شعور الطالب اللي حل سؤال واحد من أصل 5 أسئلة وسمع المراقب بيقول اتأكدوا إنكم كاتبين اسمكم علي الورقة علشان هبدأ الم الورق

تمالكنا أعصابنا واتحركنا بسرعة في طريقنا.. كل ما أسوق في الحظر بلاقي نفسي محتار أمشي بالراحة وﻻ أمشي بسرعة.. يعني أنهي أرحم.. إن الجيش يلاقيني بجري بسرعة فيفتكرني هربان من حاجة وﻻ إنه يلاقيني ماشي بالراحة كأني بغيظهم وبتحادهم؟ أثناء سيرنا لمحت من بعيد كمين للجيش مكنش عليه زحمة وده موقف صعب ﻷن ده بيحطك في شبهة إن أنت بس اللي كسرت الحظر وبرضه بتصيبك الحيرة تدخل علي الكمين بسرعة فيفتكرك هتكسره وﻻ تدخل بالراحة ويتفتكرك متردد وعايز ترجع ﻷنك عامل عملة. باختصار الموقف كله بيشكك في نفسك. دخلت علي الكمين بسرعة متوسطة وكنت مجهز رخصي وبطاقتي وبطاقة ابن خالتي.. منظر العساكر وهم شايلين السلاح ومستعدين للضرب وشكلهم مشحونين ومتنشنين يخليك تحس إن في أي لحظة ممكن تتصفي وبيبقي هاين عليك تنزل من العربية وتقعد علي الأرض وأيدك فوق رأسك بس برضه المشكلة أخاف يشوفوني نزل يفتكروني معايا سلاح وهضربهم.. مفيش فايدة

جالنا عسكري واقف في الكمين وكان شكله ولد غلبان شبه عساكر الأمن المركزي اللي بيبقوا كلهم نفس الشكل دول وكأنهم بيتصنعوا في الجيش مش بيجندوهم وعاملنا باحترام وقبل ما يسأل قلنا له معلش كنا بنوصل الحاجة والوقت سرقنا.. بص لنا كأنه مش مستوعب وقال لنا اتفضلوا.. وأنا خارج من الكمين برضه معرفتش أمشي بالراحة ويفتكروني بتتنك عليهم وﻻ أمشي بسرعة ويفتكروني ما صدقت وبهرب ﻷحسن يفتشوني

قطعنا تقريباً نص المسافة ودخلنا ميدان لقينا العربيات بتمشي في كل الاتجاهات ومن بعيد لمحنا كل الشوارع مقفولة وكله بيحاول يهرب من الزحمة حتي لو مشي عكسي. سيل العربيات أجبرنا نطلع علي كوبري هو صحيح في سكتنا ومخرجناش عن الطريق اللي يوصلنا بس برضه مش احنا اللي اخترناه.. مشينا حبة علي الكوبري وبعد كدة لقينا تكدس رهيب للعربيات اللي حركتها انعدمت تقريباً وعرفنا إن ده معناه وجود كمين رخم عايش في الدور وفاكر نفسه عامل حظر في بغداد. مرت تقريباً نص ساعة ومفيش عربية اتحركت وتقريباً كل الناس اللي كانت راكبة مواصلات سابوها ونزلوا ومفضلش غير أصحاب العربيات فقط في انتظار الكمين يحن علينا ويبدأ يعدينا حتي لو هيفتش العربية لحد ما يوصل للهيكل. بعد ساعة و ربع بدأت العربيات تتحرك بخطوات بسيطة وكل 10 دقائق تقريباً كنا بنتقدم 5 متر وبعد زمن بطلت احسبه من كتر القرف وصلنا لمرحلة الوحش... شوفت الكمين الرخم اللي كان علي بعد 3 عربيات

يتبع

الاثنين، 30 سبتمبر 2013

احنا بتوع الحظر: حلقة 3


بعد ما عبرت أنا وابن خالتي عن شعورنا جت بعدها لحظات لذيذة.. مفيش تعليمات.. مفيش أوامر.. مفيش أسئلة كتير ورا بعضها.. مفيش كلام مكرر.. فشغلنا حاجة علي ذوقنا المتقارب وقعدنا ندندن ونحكي واندمجنا وبدأ اليوم يحلو وفجأة.. تليفونه رن وجت الأوامر بالتحرك وفعلاً فصلنا الأغاني واتفصلنا وقفلنا العربية ورحنا علي حسب الوصفة الرائعة.. عند طفاية الحريق اللي في الدور اللي فيه محل جزم كبير علي شمال السلم. طبعاً الوصفة الهايلة دي تسببت إننا نطلع وننزل 3 مرات وفي الآخر اتصلت بي أمي وهي متعصبة: أنتوا فين؟ كل ده بتيجوا ؟ خلي عندك دم الشنط تقيلة.. السؤال اللي كنت بسأله لنفسي: ليه كل كلامها كان بصيغة الجمع ولما جت تشتم وجهت الكلام لي أنا شخصياًّ! بصفة عامة أنا ﻻحظت إن صوت أمي مش جاي من سماعة الموبايل بس إنما كمان جاي من مكان ما فاضطريت اعمل زي المخابرات وطولت المكالمة معاها وحصلت علي المزيد من التهزيق لحد ما لمحتها واقفة جوة محل فشاورت لها وأول ما خرجت قلت لها: هي دي طفاية الحريق؟ ردت بثقة غير مبررة: أنتوا لما اتأخرتوا دخلنا نكمل فرجة علي الحاجات.. بصعوبة طردت كل الأفكار الخبيثة وخصوصاً بعد ما لقيت شنط بتترمي علي بدون حتي سماعي لجملة"شيل الحاجات دي


شيلت الحاجات اللي أمي رمتها علي وابن خالتي شال الحاجات اللي أمه رمتها عليه ومشينا زي الفلبينيين وراهم وهم بيكملوا شراء.. يقال إن عميل المخابرات قبل ما يقبلواه بيعملوا له اختبار ثبات انفعالي بإنهم يمشوه مع أمه في سوق وهو شايل حاجات وأمه بتتفرج علي حاجات تانية. تحرك السيدات في السوق يستحق التعليق عليه من أفضل المعلقين في عالم كرة القدم.. أصعب حاجة هي حالة الانفصال عن الواقع اللي بيبقوا فيها.. يعني تلاقي الست من دول ماشية بتتفرج علي المحلات وكأن المكان مافيهوش غيرها.. مش عاملة اعتبار للكائنات اللي بتتحرك حواليها وبتعتبر إن حق من حقوقها الوقوف في أي لحظة والرجوع لمحل فات وبعد كدة الرجوع في كلامها وتقرر الاستمرار واياك يولع اللي حواليها. طب الست الغريبة الواحد بيلف من حواليها و يبرطم ويمشي لكن لما تكون الست دي أمه يعمل إيه؟

دخلت أمي وخالتي محل أدوات منزلية واضطرينا ندخل معاهم.. إحساس رائع وانت كشاب شيك و روش تبقي واقف وسط ربات البيوت.. بيجيلك هاجس إنك ممكن تبقي حامل علي آخر اليوم. أصعب موقف بيتعرض له أي شاب وهو مع أمه إنه يشوف بنت جميلة.. في العموم الواحد له مكانه وهيبة لكن كل ده بيضيع مع الشنط اللي الواحد شايلها.. المهم حصل اللي كنت خايف منه ولمحت بنت حلوة جاية علي الحتة اللي احنا واقفين فيها لقيت ابن خالتي اتداري ورايا كأنه واقف بالملابس الداخلية ولقيتني في وشها.. قررت إني أواجه مخاوفي واعمل نفسي قال يعني فاميلي مان وبساعد أمي ومستمتع جداً بالشوبينج معاها و ربنا يسامحني علي الكدب ده كله.. قلت أروش بقي واعمل حركة فقمت سألت أمي بصوت حنون: انتي عايزة تشتري إيه علشان اساعدك؟ بصت لي أمي بحنية: قال يعني لو قلت لك هتساعدني.. هو أنت أصلاً بتفهم في الحاجات دي وﻻ أنت عايز تخلص مني وخلاص علشان تروح تصيع مع اللي واقف جنبك ده.. للمرة التاني يحس ابن خالتي بالصدمة بعد وصفه تاني ب "اللي جنبه" أما أنا فشعرت بحرارة شديدة و أراهن إني احمريت ومش بعيد أكون طلعت دخان و اللي زود قهرتي إني لمحت البنت اياها بتبتسم ابتسامة سخرية ولم يشف غليلي إلا لما قاطعتها أمها وقالت لها: ما تبصي معايا يمكن تتعلمي حاجة بدل الخيبة اللي أنت فيها.. ساعتها بس درجة حرارتي نزلت و رديت بابتسامة سخرية وتحول لقاء كان ممكن ينتهي بلذاذة إلي لقاء انتهي بتبادل الشماتة وكل ده بفضل الأمهات

يتبع
 
بعد اللف العميق والجدل مع البياعين اللي كنت بشوف في عيونهم نظرات تحمل معني "ما تحوش أمك عننا يا عم" والطلوع والنزول والرجوع لنفس المحل كل شوية قرروا إنهم خلاص مش عاجيهم حاجة وإن المكان مبقاش قد كدة وإنهم محتاجين ينزلوا مرة تانية في حتة أحسن مع ملاحظة إن الكلام ده كان بعد ما فقدت الإحساس بدراعي من ثقل المشتروات.

الساعة 5:30 وفاضل ساعة ونص بس علي الحظر والمفروض نوصل أمي وخالتي وبعد كدة نرجع ومحصلة المشاوير دي في العادي بتاخد ساعتين وفي الوقت اللي قبل الحظر علي طول بتاخد 5 ساعات.. كل همنا كان إننا نخلص من أمي وخالتي ومحدش يفهم غلط أنا قصدي إننا نوصلهم قبل الحظر علشان مايتبهدلوش في السكة وبعد كدة احنا مش مهم.. وفي رواية أخري مدرعات الجيش هتكون أحن علينا من أمي وخالتي وهم بيتسوقوا

السبت، 28 سبتمبر 2013

احنا بتوع الحظر:حلقة 2


ركبت العربية جنب أمي علشان تبدأ الأسئلة المعتادة.. هو أنا ناسية حاجة علي البوتاجاز؟ أقول لها ﻷ يا ماما تقوم تسألني أنت قفلت باب الشقة بالمفتاح؟ يا ماما اقفله بالمفتاح ليه ما هو بابا فوق.. طب قفلت شباك الحمام علشان بيجيب تراب ويبهدل السيراميك؟ قفلته يا ماما.. وأنا بدور العربية اسمعها بتكلم نفسها وتقول: حاسسه إني ناسية حاجة. طلعتبالعربية ومشينا ﻷول الشارع لقيتها بتصرخ وتزعق في وتقول: عاجبك كدة نسيت الفلوس.. في سري: يعني أنت افتركتي التراب اللي هيدخل الحمام ويترب السيراميك ونسيتي الفلوس في مشوار الهدف منه التسوق. المهم رجعت و جبت الفلوس وانطلقت بسرعة كبيرة علشان لو افتكرت حاجة تانية نكون بعدنا عن البيت فأقول لها مش هنلحق.

وصلت لبيت خالتي فلقيتها واقفة في الشارع وابنها نازل بيجري وشعره منعكش وأظن سهل الواحد يتوقع باقي اللي حصل معاه. نزلت أمي وقعدت ورا مع خالتي وجي ابن خالتي جنبي وبدأوا حوار ممل عن الحاجات اللي هيشتروها قمت مشغل تراكاية ترانسات علشان تحمس الواحد في ظل الشعور العميق بالملل اللي أنا وابن خالتي حاسسين بيه وإذ فجأة اسمع صوت أمي بتقول: إيه القرف اللي انت مشغله ده؟ فردت عليها خالتي: ما هو نفس الزفت اللي بيشغله اللي قاعد جنبه.. ابن خالتي ظهرت عليه الصدمة بعد ما اكتشف إن صفته في الخروجة دي إنه مجرد "واحد قاعد جنبه" أصرت أمي علي تشغيل الراديو وأثناء التقليب لقيت المذيعة بتقدم أغنية أنا بعشك أنا لميادة الحناوي.. كنت لسة هتريق لقيت أمي قالت بصوت مليان حنين (تقريباً آخر مرة سمعته منها كان وأنا رايح الحضانة في أول يوم): الأغنية دي جميلة، ردت عليها خالتي أه جميلة علي الكاسيت علشان بحبها قوي.. أنا (في سري): كاسيت؟ ميادة الحناوي؟ لولا صلة القرابة اللي بيننا كنت نزلتكم انتوا الاتنين هنا وخدت منكم الفلوس والدهب.

ماشيين في طريقنا لقت خالتي بتسأل كأنها لسة صاحية من النوم ولسة مش مميزة الحلم من الحقيقة: هو مش الشارع اللي فات وﻻ احنا لسة ؟ أنا: نعم ؟ أمي: ﻻ لسة مش الشارع ده.. ساعتها بس فهمت إن الحلم كان بيدور حول الشارع اللي المفروض ندخل منه. شوية والدور جي علي أمي.. ادخل الشارع اللي جاي.. أنا: بس ده لسة قدام.. أنت هتفتي؟ ادخل الشارع ده وماتتفذلكش.. أنا(في سري): لولا إنك ست كبيرة كنت رديت عليكي. دخلت الشارع ومشينا فيه ومشينا أكتر ووصلنا ﻵخره لقيت خالتي قالت هو مش هنا وﻻ إيه.. من باب الذوق رد عليها ابنها يا جماعة مش الشارع ده أصلاً احنا المفروض نمشي علي طول ونلف من اليوتيرن اللي قدام البنك وندخل تاني يمين.. ردت أمي بحدة: اقف هنا.. سألت اتنين فواعلية قاعدين علي الأرض: يا ريس هو مول سنترال ماركت منين؟ بص لها بنباهة بيداري بيها البلاهة وقال: بصي أنت تخشي شمال في يمين وتمشي علي طول هتلاقي السنترال اللي أنت عايزاه ده.. أنا: بوكر فيس.. ابن خالتي كتم ضحكة عميقة بداخله وفرغ ضغطها عليه من خلال الاهتزاز في مكانه. مشينا بالعربية فلقيت أمي بتقول لي طب وبعدين.. أنا: يعني الراجل اللي قاعد جبي ده وصف بالتفصيل احنا إزاي نرجع ونروح ولسة بتدوري علي حد نسأله.. ردت علي: أنت بتكابر له؟ طالما مش عارف يبقي تسأل.. أنا (في سري): لولا إنك تخصي أبويا والراجل ده مايخلصنيش زعله كنت سلمتك لأقرب نقطة جيش. بعد ما سألنا سبع مرات علي الطريق اللي احنا عارفينه كويس وصلنا أخيراً للمول فنزلت أمي وخالتي وقالوا لنا: خليكم هنا ولما نشتري حاجات هنكلمكم تيجوا تشيلوها.. أنا وابن خالتي بصينا لبعض واتأكدنا إنهم مشيوا وعبرنا بدقة عن شعورنا.

يتبع

الجمعة، 27 سبتمبر 2013

احنا بتوع الحظر: حلقة 1


النهاردة الجمعة وأمي وخالتي عايزيني في مشاوير كتير جداً ومضطر أنزل بدري علشان الحظر الساعة 7 وهو ده عيب إن يكون عندكم عربية وبتاخدها كتير في المقابل بترضي إنك تتحول لسواق وشيال في مشاوير العائلة. أمي وخالتي هم ثنائي موجود في أغلب العائلات المصرية واللي الخروج معاهم في رحلة تسوق يوازي في أمن الدولة الكهرباء والجلد وتعليق الشخص بالمقلوب وغمس رأسه في جردل مياه عميق. لتخفيف الشعور بالعذاب ولطرد الفكرة الخبيثة اللي بتجيلي دايماً بإني انزل أمي وخالتي في وسط الطريق بالحاجات اللي جابوها وأروَّح أنا قررت إني اتصل بابن خالتي اللي قعدت اقنعه واجمل له في اليوم وعلي قد ما قدرت كدبت عليه وقلت له إنه مشوار بسيط وهيخلص بسرعة وادينا مع بعض بنتسلي وكنوع من الرشوة المشروعة قلت له إن أمي ناوية تبات عندهم فممكن هو ييجي معايا ونقضيها سهر ومزيكا وبلاي ستيشن وأظن إن هو ده اللي اقنعه. رجعت من صلاة الجمعة لقيت أمي حاططة الغداء مع إننا مش بنتغدي عادة قبل الساعة 4 لكن لقيتها بتقول لي يلا كل علشان ننزل فقلت لها بس أنا مش جعان فردت بعصبية خلاص ماتجيش في نص اليوم وتقول جعان وأنت عارف إن أنا وخالتك مش بناكل من الشارع. مش عارف سبب إصرار الأمهات تسمية أكل المطاعم ب "أكل من الشارع" أظن إن المصطلح ده أولي إنه يطلق علي بقايا الأكل اللي في أكوام الزبالة حوالين صندوق كبير اتملي ودلدق بعد تأخر الشركة المختصة في جمعه.

المهم كلت رغم إني مش جعان وقمت اغسل إيدي لقيت أمي بتقول لي يلا أنا ﻻبسة ونازلة ودي عادة في أمي ومعرفش موجودة في كل الأمهات وﻻ أنا اللي حظي طلع كدة لوحدي. كل واحد جواه مجند في حالة الحرب بيطلع لما يكون عايز يغير هدومه علشان يلحق أمه اللي قررت إنها تشق طريقها للشارع بدون أي اعتبار للجزمة اللي نازلة معاها والجميل إنها لو وصلت للشارع ووقفت شوية لحد ما أنزل ساعتها هاخد جرعة تهزيق مش بطالة.. علي العموم طالما هخرج في تسوق مع أمي فالتهزيق قادم ﻻ محالة بس الواحد بيحاول يقلل الكمية بقدر الامكان. لبست هدومي ونزلت أجري ومن سربعتي نسيت اسرح شعري وكانت هي دي أول جرعة تهزيق "ده منظر بني آدم محترم؟" قالتها لي أمي وهي بتبص لشعري بقرف وطلعت مشط من شنطتها وبدأت تسرحني في الشارع.. لو عديت علي شحط طويل عريض ولقيت واحدة ست كبيرة في السن واقفة جنبه بتسرحه وبتشده من ودانه فيا ريت ماتتريقش عليه ﻷنك ممكن تتحط في الموقف ده. المشكلة مكانتش في إنها تسرحني لكن المشكلة إن أي أم مش بتقتنع غير بتسريحة عبد الحليم حافظ فتقوم جايبة الشعر علي جنب وتفلقه من الطرف وبعد ما تسرحه تضغط عليه بايدها قال يعني علشان الوجاهة. استغليت اللحظات اللي كانت هي دخلت العربية وأنا رايح علي الباب التاني علشان أسوق ونعكشت شعري وقلت في سري: يقولوا علي معفن أحسن ما يقولوا علي أهبل.
 
يتبع

الاثنين، 2 سبتمبر 2013

حكم الظلام

 لم أعد أذكر كم مضي علي زمن كانت تعيش فيه القاهرة بدون حظر تجول. ذلك الحظر الذي صار جزءاً من حياتنا وجزءاً من النظام. وزارة تتبعها وزارة وحاكم يتبعه حاكم ويظل الحظر مستمر. أذكر أن بداية الحظر كانت لحماية المواطنين ثم سرعان ما تحولت إلي غطاء للتخلص من المعارضة. أمر علي نقاط التفتيش التي صارت تحت سيطرة الجيش وألاحظ تطور أسلحة أفراده بشكل مستمر. لعل تقبل الشعب الحظر في بدايته كان جرمه الأكبر الذي دفع ثمنه باهظاً. أذكر تلك الأيام التي هلل فيها البعض لمن فرض الحظر لحمايته من الإرهاب ولكن عندما انتهت الحرب علي الإرهاب استمر الحظر وعندما عارض من آيد في البداية كانت نهايته مثل نهاية الإرهاب فما كان له إلا أن يقبل بالأمر الواقع.

كل شيء صار تحت سيطرة الجيش، وزارة الداخلية أصبح دورها أشبه بدور المخبرين لدي الجيش الذي احتفظ بالقوة لنفسه حتي ضد الداخلية نفسها. احدي القصص التي يتداولها المواطنون وقت الحظ أن اغتيال وزير الداخلية الأسبق ومجموعة من مساعديه كانت علي أيدي الجيش الذي الصقها كالعادة بالإرهاب ﻷنه علم بنية الداخلية في الخروج من سيطرة الجيش والعودة لحكم الشارع وجني ثمار السلطة التي استأثر بها الجيش وحده.

الميادين الرئيسية أغلقت بالكامل وتحولت إلي ثكنات ونقاط تمركز تنطلق منها القوات للقيام بدورها في الحرب علي الإرهاب. لم يصبح للمعارضين مكاناً للتظاهر في الشوارع الرئيسية نظراً ﻹنتشار الجيش الذي كان يطلق الرصاص علي أي تجمع وفقاً لقانون الطوارئ الذي يتم مده في كل استفتاء شعبي بالرغم من دعاوي رفض التجديد لكن النظام كان يطبق الدستور جيداً فيما يخص استفتاء الشعب علي الطوارئ لكنه لم يكن يطبق القانون في نزاهة التصويت وشفافية الفرز فوقع الشعب في فخ أسقط فيه نفسه عندما صدق أكاذيب الديموقراطية تحت مظلة العسكر.

بعدما زادت التظاهرات في الشوارع الجانبية وتعالت أصوات الغاضبين وشعروا بالأمان لوجودهم في منطقة خارج نفوذ الجيش قررت قيادات الجيش تعديل قوانين التجنيد، فتم زيادة مدة التجنيد وزيادة شريحة المجندين حتي شملت الفتيات. كانت المبرر لذلك القانون -كالعادة- الحفاظ علي الأمن القومي من التهديدات الخارجية وخصوصاً بعد أن وافقت اسرائيل علي تعديل معاهدة كامب ديفيد وقبلت بزيادة عدد المجندين في سيناء بعد أن وفقت أمورها جيداً مع قيادات الجيش لضمان استخدامهم لقمع أهل سيناء والمشاركة في حصار فلسطين. بالطبع نسبة الجنود التي كانت تنقص الجيش في سيناء أقل بكثير من عدد المجندين بالفعل. وبمرور الوقت ظهرت النوايا الحقيقية للقانون الجديد ألا وهي بدء الانتشار في الشوارع الجانبية لكبت ذلك التيار الجديد الذي بدأ في الشعور بقوته.

كانت الأوامر دائماً استخدام الرصاص الحي، و توقفت مصر عن شراء أسلحة فض الشغب فالجيش ليس بحاجة ﻷدوات تفض الشغب دون أن تقتل. اعتمد الجيش علي توزيع القوات بشكل يخالف مناطق سكنهم أو حتي أصولهم وكان يقسم الأفراد إلي طبقتين، الأولي تتكون من الأفراد الدائمين (النظاميين) والذي بلغت أجورهم أرقام لم يصل إليها غيرهم في البلاد وكان تسليحهم هو الأفضل (غالباً ما يكون في مدرعات ومركبات مصفحة)، أما الطبقة الثانية فكانت من الأفراد المؤقتين (المجندين) والذين كانوا يقضون خدمتهم بأقل الأجور ويحملون أقدم الأسلحة وأضعفها. كان المواطن المقبل علي تجنيده يدرك جيداً أنه في مهمة لقتل مواطن آخر، ربما تبدو تلك الفكرة غير مقبولة ولكن بعد سنوات من القتل والحياة في ظل حرب مع عدو وهمي أسموه الإرهاب تصير الفكرة أكثر قبولاً ومن لم يقبلها كان يقوم بتنفيذها خوفاً علي حياته، فما أكثر من قتلوا في معسكراتهم لامتناعهم عن تنفيذ الأوامر بقتل المتظاهرين.

لم يهتم الجيش بتأسيس دولة بوليسية فهو كان يستمتع بقمع النتيجة ويقال أن أحد القيادات سُئل من أحد الجنود لماذا لا نقبض علي رؤوس التنظيمات فرد ساخراً: ونحرم أنفسنا من متعة قتلهم ! لم يخلو شارع من قتيل أو قاتل، لم يخلو شارع من أطلال منزل احتمي به المتظاهرون من رصاص الجيش فقام بقذفه بالطائرات، لم تتوقف الحرائق لحظة واحدة، لم يعد أمام المواطنين سوي الانصياع لحكم الظلام، لم يعد أمامهم سوي الهرولة إلي منازلهم بعد إعلان القوات وقت الحظر وأنها ستطلق الرصاص علي أي شخص تراه يسير بعد أبواق الإنذار التي تلقي اليأس في قلب الشعب. حل الظلام علي مدينة كانت مزدهرة وتحلم بالحرية وصارت القاهرة مقهورة ولم يعد هناك ما يدعو للأمل. حتي تلك الكلمات سوف اتخلص منها بعد أن انتهي من كتابتها خوفاً من أن يقرأها أحد الشباب المتحمس فيخرج وﻻ يعود مثل غيره وأكون أنا من تسببت في دفعه لنهايته. الحظر لم يعد حظر تجول إنما صار حظر حياة.