السبت، 30 مارس 2013

أعداء الأي حاجة

في نوعية من البشر بيكرهوا أي حاجة وضد أي حاجة، بيبصوا للي حواليهم علي إنهم موهومين وبيضحكوا علي نفسهم، بيحكموا علي أي حد بسطحية ﻷنهم مش عايزين يعارضوه علي أسس إنما ﻷنهم أعداء أي حاجة وبيعتبروا عداءهم لأي حاجة تميز وعبقرية .. يعني هم أعلي مننا كلنا وعقلهم فريد من نوعه وعيونهم كاشفة كل الأكاذيب اللي الحمقي منغمسين فيها. يمكن كنت اقتنع إنهم عبقرية وعندهم بصيرة لا يملكها إلا الحكماء والمتأملين في الكون والمتعمقين في دراسة النفس البشرية لكن لما يبقي كل كلامهم عبارة عن هجوم ساخر غير موضوعي بيعتمد بنسبة كبيرة علي السب والتحقير فمن حقي إني أشك لأن مفيش حد وصل للبصيرة والحكمة وكان بيستخدم لغة بذيئة وبيطلق كلام عشوائي لا بيناقش نقاط ضعف وﻻ بيعرض وجهة نظر .. فقط تحقير وسخرية ساذجة.

أعداء الأي حاجة دول بيحسوا بقيمتهم أكتر كل ما كان الموضوع اللي بيحقروا منه بيمس جانب أعمق من ثوابت الآخرين لأن ده معناه إنهم وصلوا لمرحلة من البصيرة خلتهم يشوفوا الثوابت اللي بتمثل كل شيء للناس مجرد وهم ويا سلام بقي لو اللي بيهاجموه شخص محبوب ومشهور وله جمهور عريض لأن ده برضه بيخليهم فوق كل السذج المخدوعين ويقدروا يبصوا لكل الحشود المؤيدة بنظرة دونية وكأنهم فوق والباقيين تحت.

باختصار الناس دي عايزة تختلف لمجرد إنهم يتقال عليهم مختلفين وعلشان يحسوا من جواهم إنهم غير كل البشر .. طبعاً التميز حلو وشيء جميل إن الناس تسعي ليه لكن لما يكون التميز منحصر في الشذوذ عن القاعدة بيبقي المتميز عامل زي العيل الصغيراللي بيهدد أهله إنه هاينط من الشباك علشان يلفت نظرهم. من الآخر كلنا بنبحث عن الحقيقة ومحدش مننا يقدر يجزم إنه هو اللي وصل لها والتقليل من الآخر عمره ما كان بصيرة وﻻ قوة وسيطرة واللي يعمل كدة ﻻزم ياخد باله إن ممكن جداً يترد عليه بنفس النبرة ويلاقي اللي يقلل منه ويحقره وساعتها مش هايعرف يرد غير بنفس النبرة ﻷنها من الأساس نبرة فارغة من أي مضمون منطقي ويستحيل الرد عليها بمنطقية.

الثلاثاء، 5 مارس 2013

دائرة الوهم


لكل منا دائرة من الأشخاص الذين يمنحونه الثقة في نفسه ويثنون عليه في جميع أعماله فبمجرد أن يدخل تلك الدائرة يصبح شخصاً مثالياً ، ذو قيمة عظيمة ، كلامه ممتع ، وجوده ملموس ومرغوب بشدة ، الأنظار تلتفت إليه باهتمام وتقدير فينتابه الشعور بالأمان والدفء والتفاؤل و يحدث نفسه قائلاً: أخيراً وجدت التقدير .. أخيراً صار لوجودي قيمة .. أخيراً وجدت من ينصت إلي باهتمام وبعد أن انهي كلامي يشكر ويحتفي بي.

لكن بمجرد الخروج من تلك الدائرة يفقد الشخص بريقه فلا يعد مثالياً ، يصبح وجوده عدد ، كيانه رقم ، يسير في الزحام دون أن يشعر به أحد كأنه غير موجود من الأساس ، كلامه دائماً محل خلاف ونقد وكثيراً تحقير ، يلمح التجاهل في برودة نظرات المحيطين به فيشعر بالغربة والخوف والإحباط ويحدث نفسه قائلاً: ماذا يحدث ؟ ما بال هؤلاء ؟ ألا يوجد فيهم من يشعر أنني مميز ؟ .. اعلم أنني لست مثالياً ولكني علي يقين أنني موجود وأستحق أكثر من ذلك .. لماذا ليسوا مثل هؤلاء الذين قابلتهم منذ قليل ؟ ألا يعرفونهم ؟ ألا يملكون مثل أعينهم ؟

الأهم من كل ذلك .. من أنا ؟ هل أنا ذلك الشخص الرائع البراق أم ذاك الشخص النكرة الذي لا يستحق حتي النظر إليه ؟ من منهم المخطئ ؟ أم كلاهما أخطأ حين عاملني بطريقة متطرفة ؟ فهؤلاء بالغوا في مدحي والآخرين بالغوا في تجاهلي .. أم أنا المخطئ لأني ارتبطت بدائرة كنت احسبها دائرة ثقة أو دائرة أمان لكن في حقيقتها كانت دائرة وهم.

السبت، 2 مارس 2013

الأباحة حلوة


لكل عصر لغة , ولغة عصرنا دلوقتي هي الأباحة اللي هي الشتائم والألفاظ البذيئة. الغريب في الموضوع إننا زمان كنا بنبص للي بيشتم علي إنه واحد أهله ماعرفوش يربوه ولما كنا نسمع الشتيمة نحس بالقرف والاشمئزاز من التدني الأخلاقي , لكن دلوقتي الأباحة بقت هي لغة المثقفين وبقي من الصعب تلاقي حد بيتكلم في السياسة -اللي هي أمور إدارة الدولة- منغير ما يأبح. تطور وضع الأباحة وشغل حيز أكبر من حياتنا باشتعال الصراع بين التوجهات السياسية وبدل ما نسمع آراء منمقة تحوي الكثير من المصطلحات السياسية بقينا نسمع مجموعة متصلة من الشتائم يعني تم ترقية الأباحة علشان تكون مصطلحات سياسية يتداولها النخبة.

تطورت الأباحة علشان تشغل مكانة أعلي وتنتشر في حياتنا أكتر وأكتر بدخولها في قاموس الحياة اليومية , وبقت الشتائم وسيلة للتعبير عن الضيق والإرهاق ووصف الحياة والمواقف المختلفة وصيغ تشديد بدون التركيز في المعني الحقيقي للشتيمة اللي ممكن استخدامه بالأسلوب ده يكون إساءة للشخص نفسه المندمج في الوصف واللي بيتفنن في اختيار مجموعة من أسفل الألفاظ اللي كل ما بتزيد سفالة كل ما زاد التشديد علي المعني.

تطورت الأباحة أكتر وانتشرت أكتر وبدأت تاخد أماكن غريبة تتناقض مع طبيعتها البذيئة .. زي المدح !! يعني مصطلحات الهدف منها الإساءة وتحقير الآخر بقت تستخدم بشكل معكوس تماماً وبقي الواحد لما يحب يمدح شخص ويثني عليه يقوم شاتمه وطبعاً القاعدة الذهبية في الأباحة بتقول إن كلما زادت السفالة زاد التشديد علي المعني , يعني كل ما الشخص اتشتم بلفظ أقذر كل ما كان واد جامد وعامل حاجة جامدة والغريب إن اللي بيتشتم بيبقي مبسوط وده أمر يستحق الدراسة !

لما تبقي الأباحة لغة مثقفين ومصطلحات سياسية ووسيلة وصف ومدح فطبيعي جداً إنها تبقي مصدر الترفيه والضحكة اللي من القلب وبالتالي نشوف النكت والكاريكاتير والفيديوهات والبرامج وكل حاجة بتستخدم الأباحة واللي كل ما بتزيد كل ما بتضحك أكتر وبقي عندنا برامج للكبار فقط ﻷنها بتستخدم ألفاظ أبيحة وده يعتبر اعتراف مننا إن الكبار ناس أبيحة أو إن الأباحة مش عيب للكبار بس عيب للصغيرين رغم إني مش فاهم النقطة دي قوي بس ماشي .. يعني طالما الواحد لما يكبر هايبقي من حقه يأبح يبقي ليه نحرم الصغير إنه يتدرب ويستعد علشان لما يكبر يبقي أبيح محترف.

المشكلة مش انتشار الأباحة لكن الخلل اللي حصل في أخلاقيات المجتمع ومعاييره , دلوقتي الأباحة مش عيب ومش بتدل علي البيئة الزبالة اللي جي منها الشخص الأبيح ﻷنها بقت لغة الكل علي جميع المستويات , دلوقتي لو حد اتجرأ وقال أصلي مش بحب الألفاظ البذيئة هايتم التعامل معاه علي إنه سيس وهايشبع تريقة أبيحة يعني انتقلنا من أسطورة اشرب سجاير علشان تبقي راجل إلي أسطورة الأباحة للجدعان.