الخميس، 20 يونيو 2013

مدينة الألوان

يحكي أن في مكان ما كانت هناك مدينة تسمي مدينة الألوان، لم تكن كمثيلتها من المدن فسكان تلك المدينة كانوا مقسمين إلي مجموعات ولكل مجموعة منهم لون صبغوا به أنفسهم ليتميزوا به عن باقي المجموعات فتلك مجموعة حمراء وتلك خضراء وأخري زرقاء، سكان لهم نفس الأصل يعيشون في نفس المدينة يختلطون ببعضهم في العمل والأسواق وكل الأماكن العامة، يتعرضون لنفس المشاكل يحكمهم نفس الحاكم لا يميزهم عن بعض سوي تلك الألوان التي يصبغون بها أنفسهم.

كل مجموعة بنفس اللون كانت تفرق بينها وبين باقي المجموعات ذات اللون المختلف، كل مجموعة تنظر للأخري بتعالٍ، تجتمع في محافل مغلقة خالية من الألوان الأخري لتثني علي نفسها ويؤكد أعضاؤها علي تميز مجموعتهم عن الآخرين، يؤكدون لبعضهم أنهم الصفوة، يشددون علي ضرورة مساعدة بعضهم لبعض حتي لا يقع أحد منهم تحت سطوة أبناء الألوان الأخري ، يكررون علي مسامع بعضهم أن الألوان الأخري تتربص بهم وتنتظر الفرصة لتنقض عليهم. اجتماع ليس من وراءه أي شيء يفيد المجموعة، فقط تحفيز الأعضاء علي الحذر من الألوان الأخري، فقط لتأكيد العداء مع المجموعات الأخري، وبعد أن ينفض الاجتماع يذهب كل منهم لمخالطة باقي الألوان بمحبة مصطنعة تتخفي وراءها الكراهية التي يتم تجديدها في كل اجتماع.

اعتاد سكان المدينة علي النفاق وإنكار حقيقة أنهم يتربصون ببعض وللتغطية علي كراهيتهم اتفقوا بشكل ضمني علي الاختلاط الظاهري ومشاركة باقي الألوان في مظاهر الحياة المختلفة، كان ذلك غطاءً مناسباً لخططهم الشيطانية للإضرار بالآخر فلا توجد مجموعة تستطيع أن تصارع كل الألوان وحدها كما أن كل مجموعة تحتاج الأخري لإتمام مصالحها وتوفير جزء من احتياج لا بديل له عند أبناء اللون الواحد.

وفي ليلة شتوية أمطرت السماء بشدة ولتهالك المباني اخترقت الأمطار الأسقف ودخلت البيوت واستيقظ سكان مدينة الألوان فوجدوا الصبغة وقد زالت عن أجسادهم، هرولوا للشوارع ليجدوا كل سكان مدينة الألوان بلا ألوان، لم يستطع الأحمر تمييز الأحمر الذي كان مثله وبحث الأزرق طويلاً فلم يجد الأزرق، لا ألوان اليوم، مجرد سكان لهم نفس الهيئة يعيشون في نفس المدينة التي أصبحت مدينة خربة بعد أن شغلهم الصراع عن بنائها ، مدينة خلت اجتماعاتهم من الاهتمام بها فصاروا مجموعات تتصارع علي بقايا مدينة، تسعي كل مجموعة منهم للسيطرة عليها في حين أن حالها لا يشرف حاكمها ولم يعد بها أي جاذبية أو طمع لحكمها.

الصدمة أوقفت الجميع مشلولي التفكير غير قادرين علي اتخاذ قرار، ماذا نفعل ؟ أبعد كل ذاك الصراع نعيش جميعاً بلا ألوان ؟ أيصبح عدو الأمس صديق اليوم ورفيق الغد ؟ كيف ؟ وما حال قادتنا ؟ وما حال مشاريعنا وأحلامنا في السيطرة علي المدينة ؟ أسئلة متتالية تدفعهم للجنون .. وفجأة وكأن صمتهم كان حوار اتفقوا فيه علي القرار السليم فانطلق كل منهم مسرعاً إلي بيته بحثاً عن صبغته وعاود صبغ نفسه مرة أخري وعندها فقط شعر كل شخص أنه استرد عقله وحياته. نام الجميع واستيقظوا في اليوم التالي ليجدوا أن كل مجموعة قد صبغت نفسها مرة أخري وﻻ حيرة بعد اليوم، سنكمل ما بدأناه، سنكمل اجتماعاتنا، سنكمل صراعنا ويوماً ما سنحكم تلك المدينة الخربة.

الأربعاء، 5 يونيو 2013

الحمد لله إني ماطلعتش بنت

"ليه يا ربي ماخلقتنيش ولد" جملة سمعتها كتير من أكتر من بنت لكن عمري ما سمعت ولد بيقول "ليه يا ربي ماخلقتنيش بنت" ولما سألت نفسي هو أنا مبسوط إني ولد لقيتني برد بكل حزم: طبعاً .. سر الحزم وسرعة الرد كان ناتج من تأملي لطبيعة حياة البنات في مجتمعنا في مقابل طبيعة حياة الذكور.

يعني أنا كولد من حقي إني اختار المهنة اللي تعجبني ومحدش هايقول لي: ماينفعش ولد يشتغل شغلانة زي دي حتي لو أنا كفء ليها وفي المقابل ألاقي بنت غير كفء بتشتغل المهنة دي وبتخربها فقط لأن المجتمع قرر إن دي مهنة أنثوية لا يحق للرجل إنه يشتغلها لكن من حق أي بنت إنها تشتغلها ﻷنها بنت.

كوني ولد فده بيديني الحق إني احلم ويبقي عندي طموح سواء بالتدرج الوظيفي أو إني يبقي لي مشروعي الخاص أو إني الف العالم أو إني اتسلق جبل ايفيرست أو أي حلم احلمه , أما لو أنا بنت فكل أحلامي ﻻزم تتركز علي الحصول علي عريس وبعد كدة طموحي تبقي هي طموح جوزي وأحلامي هي تحقيق الراحة له وكأنه متزوج من أرقي الفنادق السياحية ولو فكرت يبقي عندي حلم المجتمع هايسخر مني ويبدأ في طرح التساؤلات العقيمة من نوعية: في بنت مش بتفكر في الجواز؟ وكأن عقل الأنثي خلق للبحث عن عريس فقط.

كوني ولد فده هايجنبني نعت المجتمع لي بالعانس بمجرد تجاوزي الخامسة والعشرين , بالعكس في مجتمعنا بيفضلوا الراجل كعريس كل ما كان كبير في السن ﻷنه بيكون عقل وتجاوز مرحلة طيش الشباب ده غير إنه بيكون مقتدر ومعاه خميرة حلوة تعيش العروسة كويس. وبالتالي لما اقابل حد في فرح هايقول لي "إيه ؟ مش ناوي" وأنا اللي ارسم وش التناكة واقول مش دلوقتي عندي أولويات وساعتها الناس هاتقول علي واد ثقيل , في حين إني لو بنت الكلام هايكون "عقبالك .. ربنا يرزقك بابن الحلال وماتزعليش .. كله بأوانه" حتي لو حلفت لهم إني عندي أولويات اللي هايعتبروها حجة أداري بيها عنوستي وخيبتي.

قبل ما اسيب موضوع الزواج أنا كولد لو اتجوزت وطلقت اقدر اتجوز تاني واطلق تاني وجاذبيتي هاتزيد كل ما اطلق اكتر لأن ده معناه إن البنات كتير وانا اللي بغير فيهم (من وجهة نظر المجتمع) في حين إني لو بنت واتطلقت مرة واحدة ساعتها المجتمع هاينظر لي (بدون أي سبب) إني مستباحة وإني سهلة المنال وممكن اروح مع أي حد بكلمتين وصعب جداً حد يفكر يتجوزني حتي لو أنا مناسبة ليه في كل حاجة ﻷنه كدكر شرقي عايز بنت بنوت حتي لو كانت غير مناسبة كزوجة.

مجتمعنا بيمنح الذكر حرية الخطيئة , فأنا كولد اقدر أصاحب بنات زي ما أنا عايز واقدر اشتم بأقذع الألفاظ وكمان اشرب سجائر وممكن مخدرات وارتكب فواحش كمان لو حبيت لأن كل ده هايتمحي بمجرد ما اعلن توبتي وساعتها مجتمعنا الشرقي العظيم هايقول: ربنا هداه وأهو كلنا كنا كدة أيام شبابنا وأديه عِقِل , أما لو أنا لا قدر الله بنت يبقي اتحكم علي بسوء السمعة بقية حياتي لو عملت حاجة واحدة بس من اللي الحاجات اللي عملها الشاب اللي عقل ومايبقاش من حقي التوبة فمجتمعنا المتدين بطبعه منح حق الخطيئة للذكر ومنحه حق التوبة وهو لو كان متدين فعلاً كان عرف إن الدين ساوي بين الاتنين في الخطيئة وفي التوبة.

مجتمعنا العبقري قدر إنه يبتكر منطق خاص بيه في التمييز بين البنت والولد , منطق مالوش أي أساس ديني وﻻ له علاقة بطبيعة المرأة وطبيعة الرجل , منطق لو ناقشته فيه هاينتهي النقاش بجملة "هي دي عاداتنا وتقاليدنا كشرقيين" ودي مقولة بتفكرنا بعبادة الكفار للأصنام بنفس السبب .. هذا ما وجدنا عليه آباءنا , وعلشان كدة في مجتمع زي ده أقدر أقول بكل ثقة الحمد لله إني مش بنت.

الأحد، 2 يونيو 2013

أن تعيش أي حاجة

إنك لما تاكل .. تاكل أي حاجة المهم إنها تشبعك، إنك لما تدرس .. تدرس أي حاجة المهم تلاقي بيها شغل، إنك لما تتجوز .. تتجوز أي حد المهم إنك ماتفضلش منغير جواز، إنك لما تشتغل .. تشتغل أي حاجة المهم إنك تلاقي تاكل من وراها، إنك لما تسكن .. تسكن في أي حتة المهم تلاقي مكان يلمك وخلاص .. إنك تعيش وتموت وانت منساق وفاقد القدرة علي الاختيار أو متنازل عن حقك في الاختيار فتكتشف في نهاية حياتك إنك عشت أي حاجة وبالتالي مت أي حد

ملحوظة: لما كتبت الكلام ده ماحطتش معاه أي صورة .. المهم إن الكلام يتكتب وخلاص