الجمعة، 21 فبراير 2014

الزيارة (صلة الرحم في معسكر الكيلو 10.5)


تقديم:
وليد ابن عمتي (طالب في رابعة علوم القاهرة) كان عنده امتحان في نفس يوم أحداث جامعة القاهرة (16 يناير) اللي بعدها الأمن دخل وعمل معسكر جوة الحرم.. امتحانه بدأ قبل الاشتباك وخلص وكان لسة في اشتباك فالطلبة فضلوا محبوسين في مبني الكلية مع الدكاترة وبعد ما الدنيا هديت أمن الجامعة قال لهم تقدروا تطلعوا دلوقتي.. وهو خارج من الجامعة اتقبض عليه واتنقل قسم الجيزة وهناك عملوا له محضر هو و 41 من الطلبة بتشكيلة تهم محفوظة زي إثارة الشغب، الانضمام لجماعة ارهابية، تخريب الممتلكات... إلخ وعلشان القضية تبقي حلوة والباشا يطلع شايف شغله لفقوا لهم حرز.. كل واحد ضافوا له علي المحضر إزازة بلاستيك فيها بنزين قال يعني كانوا بيعملوا بيها مولوتوف
تاني يوم اتعرض علي النيابة وفضلوا طول اليوم مستنيين العرض لحد ما اتعرضوا علي الساعة 5 المغرب وعلي الساعة 9 بالليل كانوا خلصوا تحقيق وفضوا الأحراز وقالوا لنا إن التحقيقات اتأجلت لحين اكتمال تحريات الأمن الوطني وفضل الفترة دي في مجمع محاكم الجيزة بعد كدة النيابة حولته هو واللي معاه لمعسكر الأمن المركزي في الكيلو 10.5 وهو هناك من 20 يناير تقريباً وكل ما يخلص 15 يوم النيابة تمد له 15 يوم تانيين وهو دلوقتي ماشي في ال15 التالتة.. وكل مرة يبقي عنده عرض علي النيابة يبقي عندنا أمل إنه يخرج وخصوصاً إننا جبنا ورق رسمي من الكلية يثبت وجوده في الامتحان وقت الاشتباكات وطلبنا شهادة الدكاترة اللي كانوا محبوسين معاهم في مبني الكلية وقت الاشتباك.. بعد ما المدة طالت قررت إني أروح له زيارة.. شيء سخيف إني أروح أقابل حد من عيلتي في سجن بعد ما كنا بنتقابل في بيوت أهالينا أو نخرج نتعشي وﻻ نتسحر مع بعض

أوﻻً: الطريق
خدت الزيارة زي ما بشوف في الأفلام وزي ما كنت بشوف الناس وهي رايحة تزور قرايبهم المساجين في سجن وادي النطرون أيام ما كنت بتدرب في مدينة السادات وشقيت طريقي ورحت أركب من ميدان الرماية وكصدفة متوقعة ركب معايا أكتر من شخص رايح يزور حد له في نفس المعسكر.. طلبت من السواق ينزلني عند المديرية لكن ﻷنه أكثر دراية مني نزلني بالضبط قدام المدخل اللي بتدخل منه الزيارة.. هو عبارة عن طريق طويل مش باين هو رايح علي فين وعلي اليمين كان المعسكر.. فضلت ماشي جنب السور مسافة طويلة ومكنش صعب علي إني أعرف الطريق منغير ما أسأل.. ما هم الناس شبه بعض كلهم ماشيين في الصحراء جنب معسكر أمن مركزي، شايلين حاجات لزوم الزيارة، رايحين يتسندوا علي بعض، وعمالين يتحسبنوا يبقي أكيد الناس دي رايحة نفس المكان اللي أنا رايحه

ثانياً: الإنتظار
لما وصلت أخيراً للبوابة بدأت أشوف أنا المفروض أعمل إيه وطبعاً لقيت ناس كتير تدلني.. الأهالي كانوا حافظين الاجراءات بشكل يدعو للوجع.. سكينة غريبة تمتعوا بيها برضه تدعو للوجع.. يعني راجل كبير ابنه مسجون وهو رايح يزوره وده عمال يشرح لي اللي هيحصل وبيوجهني وينصحني اعمل إيه علشان اتجنب الغلطات اللي وقعوا فيها قبل كدة. وصلت تقريباً الساعة 1:20 وسجلت اسمي في كشف طويل بيضم أسامي المسجون اللي هتزوره ومجرد إني أشوف كشف مكتوب فيه المسجون ومكتوب فيه اسم حد من قرايبي كان شيء يدعو للوجع برضه. النظام هناك بيقول إن الزيارة تبقي ل25 سجين في الدفعة الواحدة وكل سجين بيدخل له زائر واحد بس وبالتالي بيقسموا الزائرين لمجموعات وكل مجموعة تقعد مع اللي بتزوره حوالي 10 دقايق. بالرغم إننا مسجلين اسامينا من الساعة 1:30 إلا إن الدخول بدأ من الساعة 3:10 وكل ده منتظرين في الصحراء اللي قدام بوابة المعسكر.. مدفن للعربيات الكهنة وبقايا سور صخري هم الاستراحة اللي انتظر فيها أهالي المسجونين
عملية الدخول والتفتيش استهلكت وقت مبالغ فيه وبعد ما بدأوا يدخلوا المجموعة التانية لقيناهم خرجوهم تاني وقالوا إن في نيابة ومحدش هيدخل غير لما النيابة تمشي.. وبالفعل النيابة مشيت علي الساعة 5 وساعتها بدأوا يندهوا علي المجموعة التانية

ثالثاً: الدخول
بدأنا في الدخول الساعة 5 وكل واحد كان بيدخل كان بيتفتش وبيسيب الموبايل برة علشان ممنوع دخول محمول ومفيش أمانات في المعسكر وبالتالي سيبت الموبايل مع واحد صاحب صاحب ابن عمتي اللي رايح أزوره.. الحقيقة اللي بيفتشني كان ذوق بدرجة ضايقتني هو صحيح كان شايل آلي صغير بدبشك بيتفرد بس كان بيعاملني باحترام مبالغ فيه.. يعني قال لي ممكن تطلع اللي في جيبك لو سمحت ولما جيت اطلع اللي في جيبي وقعت مني فلوس لقيته بيقول لي ﻻمؤاخذة وبعد كدة قال لي بصيغة استأذان: افتشك؟ لدرجة إني ضحكت وقلت له هو أنت ذوق قوي كدة ليه فابتسم ودخلت
المعسكر من جوة كبير وطبعاً مش هيسيبونا نتمشي وبرضه مش هيجيبولنا طفطف وبالتالي الوسيلة اللي نقلونا بيها من البوابة لحد مكان الزيارة كانت عربية ترحيلات.. أيوة عربية ترحيلات.. مبدئياً العربية دي عالية جداً جداً عن الأرض لدرجة إنهم كانوا عاملين زي سلالم من الأرصفة علشان الناس تعرف تطلع ولما دخلنا حطوا لنا دكة علشان ننزل وده كان صعب جداً علي السيدات وخصوصاً الكبار منهن
شعور مميز وتحربة مختلفة ركوب عربية الترحيلات وخصوصاً لو مكنتش مسجون.. السواق كان بيسوق براحته وعمال ياخد الملفات وهو سريع واحنا جوة عمالين نتخبط في بعض

رابعاً: الزيارة
أخيراً وصلنا لمكان الزيارة.. وقفونا للمرة المليون ياخدوا اسامينا واسامي اللي هنزورهم ورغم كدة الضابط أصر إن العسكري يرجع يجيب كشف الدخول وبعد حوالي ربع ساعة دخلونا الزيارة.. مكان الزيارة هو عبارة طرقة في مبني واقف فيها 25 مسجون وقدهم زوار وكل واحد يدور علي قريبه ويجري عليه يسلم ويطمن ويطبطب.. وقفت مع ابن عمتي وقعدنا نعلي صوتنا علشان نسمع بعض نظراً للزحمة في نفس المكان ويادوب قلنا كلمتين لقينا عسكري بيقول الزيارة انتهت.. مدة الزيارة كانت حوالي 3 دقايق.. يعني تستني 4 ساعات علشان تشوف قريبك 3 دقايق.. يعني أب يشوف ابنه 3 أيام في الأسبوع وكل زيارة تبقي 3 دقايق يعني يشوفه 9 دقايق في الأسبوع لو صحته سمحت له.. يعني ست كبيرة تضرب مشوار طويل وتتبهدل في الانتظار وفي عربية الترحيلات علشان تشوف ابنها 3 دقايق

أخيراً: الرحيل
خرج الأهالي وهم مشبعوش من قرايبهم ورجعنا نفس الطريق بنفس المسافة بنفس الأدعية علي الظلمة ووقفت علي الطريق وطبعاً ملقتش مواصلات خالص لحد ما لقطت تاكسي وركبته فالسواق سألني: هي الزحمة دي إيه؟ قلت له دول أهالي شباب محبوس في المعسكر قال لي: ما هم الشباب كدة.. يتحمسوا بعد كدة يزعلوا

النهاية