طوال
حياتي في القاهرة كنت بسمع في الأخبار عن
مجموعة من الملثمين يضربون خط الغاز
وملثمون يقوموا بالهجوم علي قسم العريش
يعني طول عمري بسمع عن الملثمين ..
لكني
لما بدأت شغل وفي أول اسبوع لي في العريش
كنت سعيد الحظ بشكل كافي بحيث إني اقابل
بنفسي الملثم اللي معاه سلاح آلي ..
ومش
بس ملثم واحد ..
لا
دي مجموعة ملثمة.
بداية
الاحداث إننا زي كل يوم عادي نزلنا الصبح
ركبنا اتوبيس الشركة وتوجهنا كالمعتاد
إلي المصنع المتواجد علي بعد حوالي 60
كيلو
من البحر في عمق سيناء مع العلم إن رفح من
نفس النقطة تبعد حوالي 50
كيلو
فقط.
المهم
كالعادة في طريقنا مرينا علي نقطتين من
الجيش وحرس الحدود آخرهم كان عند منطقة
اسمها بئر لِحفِن (دي
في مصر مش في إسرائيل).
بعد
النقطة دي بحوالي كيلو او اتنين بالكتير
لقينا الاتوبيس اللي قدامنا بيهدي واحنا
وراه فبالتالي احنا كمان هدينا كلنا بصينا
علي الاتوبيس اللي قدامنا علشان نشوف هو
وقف ليه لقينا عربية نص نقل عليها رشاش
زي اللي بيطلع في التليفزيون في ليبيا
قاطع الطريق عليه وحواليه حوالي اربعة
ملثمين اللي معاه آلي واللي معاه متعدد
(مش
عارف إزاي كان ماسكه في ايده)
وكان
معاهم واحد شايل مسدس (ده
تقريباً جي غلط)
وشفناهم
بينزلوا زمايلنا من الاتوبيس وبعد ما كل
اللي في الاتوبيس نزلوا ركب واحد منهم
الاتوبيس وطلع بيه.
طبعاً
الواحد ساعتها كان بيتمني إنهم مايخدوش
بالهم مننا وتتحقق معجزة الرسول لكن خلاص
زمن المعجزات للأسف إنتهي وفجأة بدأ
الملثمين المسلحين بالتحرك ناحيتنا وفي
الظروف دي بيجيلك رغبة رهيبة في دخول
الحمام ولما وصلوا للسواق قالوا له متعدوش
من هنا تاني وقعدوا يخبطوا علي الاتوبيس
كنوع من التحية وسابونا ومشيوا.
نزلنا
لزمايلنا نطمئن عليهم لقيناهم بخير زيادة
عن اللزوم بمعني إنهم مكنوش متوترين ولا
مرتبكين ولا كأنهم لسة نازلين تحت تهديد
السلاح ولقيت واحد بيقول "طب
احنا كدة لو مرحناش هايتخصم اليوم ولا
هانعوضه في يوم تاني ورديتين وراء بعض ؟"
ساعتها
كنت هاشتمه بكل الشتايم اللي اعرفها.
وفجأة
سمعت واحد كبير عاقل بيقول "لأ
الشركة لازم تشوف حل"
قلت
في سري ايوه كدة لازم يبقي في موقف فلقيته
بيكمل وبيقول "ما
هو مش كل شوية يقطعوا علينا الطريق وييجوا
يضربوا نار في المصنع ..
ده
آخر مرة خرموا تانك واضطرينا نفضيه كله
والصيانه قعدت تصلح فيه بتاع اسبوع وفضلنا
موقفين الخط لحد ما صلحناه"
فمقدرتش
امسك نفسي وقلت للي جنبي ده انتوا متعودين
بقي قام قال لي حكاية لطيفة جداً.
مرة
أحد العمال المتعاقد معهم لنقل كمية معينة
من الخام قصر ولم يورد كل الكمية وبالتالي
كرد فعل طبيعي من الشركة اتخصم من أجره
ولحد هنا طبيعي خالص ,
اللي
مش طبيعي إن زميلي ده واللي أنا شغال نفس
شغلته دخل عليه الاخ إياه ومعاه اتنين
وشايلين سلاح وقالوا له وقف المصنع ,
واحنا
نازلين تحت لو لقينا حاجة شغالة هانطلع
نعلقك !!
أنا
كإنسان المفترض إنه محترم اكيد معنديش
الرغبة في إني اتعلق في غرفة التحكم مقر
عملي وفي اللحظة دي وبعد ظهور التوتر علي
وجهي لقيت مهندس كبير بيهديني ويقول لي
متقلقش فقلت في سري "تمام
..
يعني
دي أول مرة والموضوع هايتحل جذرياً"
لقيته
بيقطع حبل أفكاري ببشاعة ويقول لي "بكرة
تتعود"
كل
اللي فات ده جزء بسيط من غرابة الموقف لكن
الجزء الأكبر يكمن في إن احد الملثمين
ساب ورقة فيها اسمه وتليفونه !!!!!!!!
لقيتني
بتلقائة بسألهم "طب
ماسبش الايميل ادريس بتاعه"
أنا
قلت اضيفه علي الفيس بوك أو حتي اعمله
فولو علي التويتر لكني اتصدمت فيه كملثم
لأنه ماسبش ايميله يعني مكنش عيش وخطف ده
؟ دي مش أخلاق الملثمين علي فكرة ده حتي
ماسبش إهداء كاتب بس إن اسمه ايمن السواركي.
سألتهم
هو نمرته 012
قالولي
لأ 019
قلت
يا خسارة كنت عايز اضيفه علي نظام احسن
ناس ..
وأهو
النوع ده تتصل بيه تلاقيه عامل الكوول
تون بتاعته "انزل
من الاتوبيس ..
إنزل"
ولو
مردش هاتلاقيه مسجل في الانسر ماشيين
بيقول "أنا
مشغول دلوقتي في معركة ..
اترك
اسمك وتليفونك ومحفظتك واتوبيسك بعد سماع
صوت ضرب النار"
في
الآخر روحنا المصنع والإدارة طمنتنا إن
في مصدر أمني رفيع المستوي جي المصنع وكلم
الملثم بكل قوة وحزم وشدة وقال له "الاتوبيس
يبقي هنا بكرة"
بصراحة
الملثم كان محترم فوت اليوم التاني وفي
اليوم اللي بعديه قطع الطريق وأخد اتوبيسين
المرة دي وبعد الظهر وأثناء توجه مجموعة
من الخبراء الاجانب للمصنع قطع عليهم
الطريق وخد العربية الملاكي وراحوا المصنع
ضربوا نار كنوع من الاعتذار وإبداء الخوف
من تهديدات المصدر الامني رفيع المستوي.
اللي
ضايقني فعلاً إن الملثم كان محترم وقال
في المرة الاولي متعدوش من هنا تاني ومع
ذلك رحنا تاني وبدون حماية و ده من وجهة
نظري بيحمل رسالة ومعني قوي ألا وهو إن
احنا كشركة ...
اتبسطنا.
ويبقي
السؤال هل تتخذ الشركة موقف قبل ما تخلص
اتوبيساتها ويدخلوا علي الموظفين ولا
الملثم هايكمل المجموعة وفي الآخر يعمل
مصنع اسمنت ويشغلنا فيه بالسخرة ؟ قبل
الاجابة علي ذلك السؤال وقبل ما أعيش (لو
في نصيب)
الموقف
اللي هايجاوب السؤال ده قررت إني انسحب
وارجع لمصر واروح مقر الشركة واشوف هل
ممكن ينقلوني لمكان اقدر اعيش فيه لمدة
اطول ولا لازم ارجع العريش.