لطالما كان شارع فيصل مؤشر رائع علشان تعرف إن في مشكلة في البلد. يعني لو في خناقة في الجيزة هاتلاقي فيصل زحمة , لو شارع الهرم فيه ماسورة مياه ضاربة هاتلاقي فيصل زحمة , لو العباسية فيها مظاهرة هاتلاقي فيصل زحمة , لو تعثرت دابة في الشام هاتلاقي فيصل زحمة , وأظن إن آخر مكان هايفضي لما ينتهي العالم هايكون شارع فيصل. حاجة زي أزمة البنزبن بتكون فرصة مناسبة جداً لشارع فيصل إنه يقف ويبقي عنده المبرر الكافي لأن علي الناحيتين من الطريق في أكتر من بنزينة بتتكدس عندها العربيات ووفقاً لثقافة المصريين فأي تكدس لازم مايبقاش طولي بمعني إن اللي يقف ييجي اللي بعده يقف وراه أنما التكدس بيكون حلزوني بحيث إن أي حد مهما كان عبقري وبص علي المتكدسين عمره ما يعرف مين جي قبل مين وممكن حتي مايعرفش هو مين كان رايح ومين كان جاي.
أثناء رجوعي من آخر فيصل (الرماية) أو أوله حسب محل سكن الراوي ركبت ميكروباص كان للوهلة الأولي فيه شيء غريب بحيث إني لما جيت أديله الأجرة رد علي رد عمري ما سمعته قبل كدة قال لي "سيبوني دلوقتي علشان انا مركز" فانا استغربت هو مركز في ايه بس لما بصيت علي الطريق عرفت. الباشا قرر إنه يمشي في فيصل عكسي علشان يتجاوز أول بنزينة وبالتالي لازم يركز علشان نفضل عايشين كلنا وبعد ما خلص مناورة بص للي جنبه لقاه بيلعب علي الموبايل فقال له انا كنت بقفل ماريو وانا صغير بسهولة فشعرت للحظات إن في علاقة بين شغفه بماريو ومهاراته في السواقة.
لما تجاوزنا البنزينة ووصلنا لمحطة الطوابق الدنيا كانت قافلة باقي محطات البنزين اللي علي الطريق وساعتها قرر يعمل حوار مفتوح بين الركاب حول قضية البنزين بداها بأغرب معلومة سمعتها في حياتي لما قال "مصر دي أول بلد عدَّي عليها البترول" طبعاً محدش من الركاب فهم المعلومة وبصينا لبعض وسكتنا لكن السواق كرر المعلومة في صورة سؤال وقال للي جنبه أول حتة عدي عليها البترول كان فين رد عليه وقال له "الميرغني" فلما حس إن اللي جنبه مش مصدقه بص لي وقال لي مش مصر أول بلد عدي عليها البترول فعرفت إني لازم أرد بس أرد علي ايه فسألته يعني ايه ؟ قال يعني احنا اللي لقنا بترول وبعناه للخليج والسعودية.
بكل بساطة ده كان أول مواطن مصري في التاريخ يظن إن مصر هي اللي بتصدر لدول البترول بترول. صاحبي خد الموضوع بجدية وقال له إننا بنصدر الغاز فصعبها عليه فرد السواق وقال أيوة ما هو كل اللي احنا فيه ده علشان صدرنا "الجاز" اللي عندنا فصاحبي كرر المعلومة بإننا صدرنا الغاز مش الجاز. ولعل اللبس ده السبب فيه عدم إستخدامنا المصطلحات الصحيحة يعني احنا إزاي بنقول علي السولار اللي هو سائل Gas وبعد كدة نرجع نلوم علي سواق ميكروباص الخلط بينهم.
المهم تم تصحيح المعلومة بتاعة مصر أول دولة عدي عليها البترول وعرف إن الخليج والسعودية عايشين علي فلوس البترول فتسائل امالاحنا عايشين علي ايه ؟ لكنه تدارك الموقف وقال احنا بقي عايشين علي الاهرامات والاقصر فأضفنا قناة السويس والجمارك والضرائب والسواق أضاف الكارتة اللي من وجهة نظره بتعمل ييجي مليون جنيه في اليوم. فسأل وكله حيرة امال الفلوس دي بتروح فين فرد عليه اللي جنبه بكل تلقائية الحرامية اللي في البلد كتير فاستغرب وقال مش احنا حبسنا الحرامية اللي في البلد ولما صاحبي واجهه بالحقيقة إن احنا حبسنا بعض الحرامية وكمان مش حابسينهم قوي قال طب والعمل فنصحناه بعمل ثورة قام ركن العربية ونزل.
في الاول افتكرناه خد الموضوع جد ونزل يعمل ثورة لكنه ركن علبشان يملأ الكاوتش اللي كان طول السكة بيسأل اللي طالع واللي نازل هل هو نايم علي الارض ولا سليم. المهم هو طلب من اللي هايملأ الكاوتش إنه يملأ علي 45 علشان الكاوتش أصلاً مخروم ومحدش يسألني يعني ايه 45. واحنا واقفين البعض قدم له النصيحة إنه يخرم من شوارع جانبية فمشي ورا كلامهم وكانت من المرات النادرة اللي ألاقي راكب بيوجه سواق والسواق ماشي علي حسب كلامه والراكب يكون فعلاً عارف الطريق ويخرجنا من الزحمة مع العلم إن لما كان بيختلف الركاب مع بعض علي الطريق الانسب كان السواق بيقول احنا ناخد رأي الأغلبية.
لما طلعنا بالسلام من الشوراع الجانبية كنا بالفعل تجاوزنا البنزينة اللي قافلة الشارع وفجأة لقيت السواق بينده علي واحد صاحبه فركب معانا ولما ركب السواق سأله انت ركبت ليه ؟ فرد الصديق مش انت اللي ندهت لي قام السواق قال له انت اللي ركبت انا كنت بسلم عليك بس. وبعد وصلة من تبادل الاتهامات نزل الصديق وكملنا الطريق اللي كان فاضي ووصلت لمحطة نزولي سعيد جداً بفقرة السائق وبرحلتي الشيقة في شارع فيصل.
سؤال جانبي بس : هو الجزر أرخص من العيش ؟
أصل السواق كان بيشتكي من الزحمة وإنه معملش أدوار كفاية وكان بيقول الواحد مبقاش ياكل عيش حاف انا بقيت آكل جزر !!