عندما
تنتشر الجريمة وتمتلئ الصحف بأخبار تبث
الذعر في المجتمع يبدأ أفراده في البحث
عن الأمان، في البحث عن مفر من كل جريمة
ويتم طرح سيل من الأسئلة علي غرار كيف
أنجو من حوادث قطع الطريق؟ كيف أحمي أطفالي
من تجار الأعضاء؟ كيف أحافظ علي زوجتي من
التحرش وربما الاغتصاب؟
تزداد
الأمور سوءً ويزداد الذعر في التوغل داخل
كل نفس ويشرد الذهن ليعود بالمزيد من
المخيلات التي تزيد الحياة صعوبة وتزداد
حالة الذعر وتزداد دائرة الخطر حتي يفقد
المرء الشعور بالأمان حتي وإن تحصن في
بيته.
بمرور
المزيد من الوقت وبظهور المزيد من الجرائم
وبتدفق المزيد من المخيلات تقترب الحياة
من الاستحالة تدريجياً ويتحول الحذر -دون
أن نشعر-
إلي
خوف سرطاني يسيطر علي كل تفاصيل حياتنا
ونصل -دون
أن نشعر-
إلي
بؤساء أصابهم اليأس، يسيرون في الحياة
لعدم قدرتهم علي التوقف، يُستَهلَكون في
تفادي النهاية المأساوية وهم موقنين
بقدومها غير مدركين سبب عملهم علي تأخير
نهاية حياة بائسة.
عندما
يصل المرء لتلك الحالة يصبح فريسة سهلة
المنال لكل من تربص به.
يبحث
عن مأوي دون أن يتسائل عن مصيره إن أوي
إليه، ينهل من خير قُدِّم له دون أن يسأل
عن المقابل، ربما من في حالته مختل الإدراك
وربما يأسه دفعه لتقبل أي شيء آملاً أن
يكون أفضل مما يصيبه الآن..
وإن
كان أسوأ فلا بأس أيضاً فقد اعتاد تغير
الأمور للأسوأ.
وعود
كاذبة صارت له أملاً، رفض لتصديق الواقع
مهما ازداد وضوحاً، إنكار ينتهي به إلي
حالة من فقدان القدرة علي التمييز..
فهو
يعلم جيداً أن كل من أدرك تألم.
في
مكان ما يقف ويشاهد ويراقب ويحلل، ينتظر
بصبر، يغذي كل تلك المشاعر التي تدفع
فريسته لليأس والوصول لحالة الخلل وفقدان
التمييز، ينتظر حتي تأتيه فريسته باحثة
عن الأمان بين أنيابه ليطلق لها وعوداً
تصنع لها مخرجاً من حياة هو صنعها لها،
يعدها بالأمان من خوف هو أصابها به، يرسم
لها حياة باتت تحلم بها طويلاً فهو يدرك
تماماً بم تحلم ومم حُرِمَت..
يظهر
ابتسامة دافئة مطمئنة وهو يطلق بداخله
ضحكات نصر وتعجب من غباء تلك الفريسة.