السبت، 1 نوفمبر 2014

Buzzle التهجير


عندي إيمان إن الحدث في حد ذاته بيكون محير وفيه لغط كتير وإن مجرد إختلاف بسيط في زاوية الرؤية بينتج عنه تغيير حاد في نتائج الملاحظة لكن لو تعاملنا مع الحدث علي إنه مجرد جزء من صورة كبيرة ساعتها بيكون للحدث معني أوضح ومع تجميع القطع الصحيحة وترتيبها بالشكل الصحيح بنوصل لصورة مهمة تكشف لنا تفاصيل أكتر وتقلل اللغط وتوصلنا لمعلومات أوضح.

القطعة الأولي: النوبة
التهجير.. مصطلح ارتبط في أذهاننا بقضية أهل النوبة اللي بقالها سنين مطروحة واللي مفيش نظام أو حتي شبه نظام تعامل معاهم كما يستحقوا.. تهجير أهالي النوبة اتنفذ علي مراحل آخرها كانت سنة 1964 لما قررت الدولة المصرية التضحية بقري النوبة اللي تعد جزء من حضارة ومعالم مصر مقابل إقامة مشروع قومي، عدم وجودنا في الفترة دي هيصعب علينا تقييمها، يمكن يكون أهل النوبة فرحوا بالقرار وضحوا بنفس صافية، ويمكن يكونوا حسوا بالظلم، يمكن تكون الحكومة ساعتها نفذت عملية التهجير بكل إنسانية وتنظيم للحفاظ علي كرامة أهل النوبة.. ويمكن ﻷ، يمكن يكون المصريين ساعتها عارضوا القرار وطالبوا بالبحث عن بديل لتجنب تهجير 18 ألف أسرة، ويمكن يكونوا قدموهم قربان لعبد الناصر وغضوا الطرف عن عواقب التهجير وصبوا اهتمامهم علي النفع العائد علي مصر من بناء السد.. ويمكن مكانوش فاهمين أي حاجة وﻻ عارفين حجم القرار وﻻ إن في ناس ساكنة في الحتة دي أصلًا وكل معلوماتهم استمدوها من أغاني عبد الحليم اللي كانت بتمجد قرارات عبد الناصر وثورة يوليو.. بغض النظر عن التفاصيل اللي هتفتح جدل دون الوصول لنتيجة فالواقع التاريخي بيقول إن في 8 قري نوبية غرقت و18 ألف أسرة تم تهجيرها من أرضها بلا رجعة بهدف بناء السد العالي

عن تاريخ التهجير من جريدة الوطن
عن تهجير أهل النوبة من موقع الإشتراكيين الثوريين

القطعة الثانية: السويس
تاني مكان بييجي في بالنا لما نسمع مصطلح التهجير هو السويس. بعد إحتلال إسرائيل لسيناء كاملة أصبحت مدن القناة هي المدن الحدودية بين مصر وإسرائيل وبم إن الفترة دي كانت فترة حرب فالمدن دي مبقتش مناطق سكنية أنما مناطق حرب وكعادة الإسرائيليين إستهداف المدنيين كان جزء من خطتهم في حرب الإستنزاف ومع تكرار الغارات والنيل من المدنيين قررت الحكومة المصرية إجلاء سكان السويس حفاظًا علي أرواحهم. قرار تهجير السويس كان إجباري وكان السبب فيه حالة الحرب مع عدو خارجي ومصر ساعتها كانت لسة خارجة من هزيمة عسكرية وإستنزاف موارد في دعم دول عربية في حروبها وبالتالي منقدرش نحاسب الدولة المصرية غير علي سوء تنظيم عملية إجلاء وتسكين أهالي السويس ودي جنب الأخطاء اللي أرتكبت في تاريخ مصر المعاصر ممكن نتجاهلها والله أعلم

القطعة الثالثة: جزيرة القرصاية
علي الرغم من إنها قضية قديمة إلا إننا مسمعناش عنها غير بعد الثورة كنتيجة لإرتفاع -مؤقت- لسقف الحرية وحماسة المنتمين للثورة وهرولتهم للدفاع عن أي مظلوم. قضية جزيرة القرصاية بتتلخص في وجود مواطنين في مكان ما استقروا فيه لسنين طويلة وسلموها من جيل لجيل وفجأة جت الدولة طالبتهم بالخروج منها وترك إرثهم وجدورهم وشنت عليهم حملات استخدمت فيها العنف من خلال قوات الجيش. أهالي القرصاية لجأوا للمسار القانوني وحصلوا علي حكم قضائي في 2010 بأحقيتهم في البقاء في الجزيرة لكن لسبب غير مفهوم قرر الجيش من جديد التدخل وطرد الأهالي من أرضهم بالقوة وتم التعامل مع الرافضين علي إنهم مجرمين بيتعدوا علي قوات الجيش والتعامل ده نتج عنه وفاة أحد الأهالي والقبض علي آخرين وتقديمهم لمحاكمة عسكرية

عن قضية جزيرة القرصاية من المصري اليوم

القطعة الرابعة: رملة بولاق
هي منطقة تعتبر أيقونة للتعبير عن ظلم الرأسمالية حيث تجتمع البيوت المتهالكة التي يسكنها الكادحون مع أبراج نايل سيتي الفاخرة في صورة واحدة وبالتالي كانت لوكيشن مثالي لتصوير فيلم سينمائي يناقش قضية الخصخصة وبيع البلد بأهلها لرجال الأعمال (صرخة نملة). رملة بولاق منطقة عشوائية شكلها بيزعج صاحب نايل سيتي (نجيب ساويرس) وبيتمني وبيخطط للتخلص منها لصالحه. صراع قذر بين اللي بيحارب من أجل البقاء وبين اللي بيحارب من أجل المزيد من الرفاهية والأرباح وكموقف غير مفاجئ انحازت الدولة لرجل الأعمال علي حساب المواطنين اللي ملهمش ثمن وتدخلت بالقوة وتعاملت بتعسف مع أهالي المنطقة المعدمة في محاولة لمساعدة الملياردير في تحقيق هدفه اللي غالبًا هيتقاسم ربحه مع أحد رجال الدولة

عن صراع أهالي رملة بولاق وساويرس

عن تدخل الأمن في الصراع

القطعة الخامسة: رفح
حادث الشيخ زويد اللي هز مصر مكنش حدث فريد من نوعه وحصل زييه في نفس المنطقة حوادث كتير وكلها سقط فيها ضحايا من الجيش لكن لسبب ما الضجة اللي دعمها الإعلام والرئيس بعد الحادث ده كانت مختلفة تمامًا. خرج الإعلام في حداد لم يحدث من قبل، خرج الرئيس يهدد ويتوعد كما لم يفعل من قبل، دعا لإجتماع مجلس الدفاع الوطني كما لم يحدث من قبل.. لسبب ما رد الفعل الناتج عن الحادث ضم حزمة من القرارات والإجراءات التي لم تتخذ من قبل.

الإجراءات الإستثنائية بعد الحادث الأخير مريبة.. فمباشرة بعد وصول خبر الحادث انطلق الإعلام يؤكد علي ضرورة إخلاء المنطقة الحدودية.. فكرة غريبة تم طرحها علي إستحياء من فترة ولكن إيه سر الإجماع عليها بعد الحادث ده علي وجه الخصوص؟

المريب إن بعد الحادث ببضع ساعات اجتمع مجلس الدفاع الوطني وقرر اللي ردده الإعلام وبعد الإجتماع بحوالي 3 أيام طلع "نص" القانون وبعد صدور القانون "مباشرةً" بدأت عملية التهجير.. يعني من لحظة وقوع الحادث حتي لحظة التنفيذ لم تستغرق الدولة المصرية سوي 4 أيام.. فهل قرار مصيري كقرار تهجير آلاف المواطنين وإخلاء منطقة حدودية مع دولة المفترض إنها معادية قرار سهل ليتم إتخاذه وتنفيذه في 4 أيام فقط؟

عن التهجير من موقع بي بي سي

عن التهجير من موقع مصراوي

بعيدًا عن الأسئلة اللي بتستدعي نظرية المؤامر خلينا نطرح أسئلة بريئة بقدر الإمكان.. زي سؤالنا عن جدوي التهجير وهل احنا متفقين إن الإرهابيين هم جزء من سكان المنطقة وعلشان كدة هيتم تهجيرهم لتدمير أوكارهم طب إذا كانت الخطة إن بعد التهجير هندمر أوكار الإرهابيين.. طب الإرهابيين نفسهم بقي هيروحوا فين؟لو "كل" البيوت تحتها أنفاق يبقي نقبض علي كل السكان ولو "بعض" البيوت هي اللي تحتها أنفاق المفروض نعرف البيوت دي ونقبض علي ساكنيها مش نخرج كل السكان وندي فرصة للمجرمين إنهم ينخرطوا مع السكان ويفلتوا من العقاب ويروحوا يكونوا بؤر للإرهاب في مكان تاني.. يعني اللي بيعمله الجيش دلوقتي هو إنه بيمحي أدلة إدانة الإرهابيين اللي بيتكلم عنهم بقاله شهور.. طب هو ده منطقي؟ هل التخلي عن تواجد مواطنين في منطقة حدودية قرار صحيح؟ ترحيل الحدود علي حساب أرضنا بيصب في مصلحة مين؟

بغض النظر عن السؤال الأخير ﻷنه مش برئ قوي بس الوضع مش بسيط وواضح زي ما الناس بتتعامل معاه.. يمكن تكون القطع المذكورة بعيدة عن بعضها ﻷن لسة في قطع كتير مفقودة واحنا مش شايفينها أو يمكن أنا سقطتها أو يمكن لسة محصلتش لكن الأكيد إنها مع بعضها هتعبر عن شكل له معني أكتر من لما تكون كل قطعة لوحدها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق