السبت، 25 فبراير 2012

العاطل الحق


الخريج في مصر عامل زي الفراشة بيمر بعدة أطوار أغلبها بيكون أطوار بطالة وعلي خلاف الفراشة فأطوار البطالة غير محددة بزمن ساعات تمر بسرعة وساعات تمر ببطء وساعات تقف عند طور معين يعني ممكن يقف عند طور الدودة أو طور الشرنقة وكل دودة علي حسب رزقها.

العاطل في بداية حياته بيكون في طور المبتدئ وعلشان يتخلص من الطور ده لازم يعمل بحث عن وظيفة في كل المصادر الكلاسيكية زي مواقع التوظيف , مواقع الشركات المشهورة , اهرام الجمعة , جرنان الوسيط , شخص وسيط.

لو استمر العاطل في أطوار البطالة دون القفز إلي طور الموظف بينتقل من طور العاطل المبتدئ إلي طور العاطل السينيور ويبدأ يبعت للشركات المغمورة اللي مستحيل إيجادها إلا في دليل التليفونات أو اليلوبيدج وينزل ياخد لفة علي الشركات اللي عادة مش هاتسمح له بتجاوز بوابة الأمن ويسيب سيرته الذاتية علي كل لسان في كومة ضخمة من السيرة الذاتية لقرناؤه من العاطلين السينيور اللي راحوا قبله وغالباً لو العاطل ده مر علي معظم الشركات دي يومها بالليل هايشوف سيرته الذاتية بيتم فرزها مع باقي الكومة من عامل النظافة في اكبر مقلب للزبالة في المنطقة.

علشان ينتقل العاطل من طور العاطل السينيور إلي طور الاحتراف فده بيحتاج مجهود كبير وتوافر كثير من التجهيزات والتجارب واللي هايتم توضيحها في النقاط التالية اللي ممكن نعتبرها الرد علي سؤال "كيف تكون عاطل محترف ؟"
1- لما يبقي ال favorites عندك أغلبها شركات توظيف.
2- لما يبقي من طقوسك اليومية المرور علي كل مواقع التوظيف اللي تعرفها.
3- لما أي حد يقترح عليك أسلوب بحث عن عمل مهما كان مبتكر تكون انت جربته.
4- لما تمر بأكثر من 5 مقابلات شخصية دون الحصول علي رد من واحدة منهم.
5- لما حد يوصفلك أي حتة تبقي عارفها لأنك رحت هناك انترفيو.
6- لما يبقي في أوضتك نوتة وقلم علشان تكتب عنوان الشركة اللي هاتعمل فيها انترفيو.
7- لما يظهر رقم غريب علي تليفونك تمسك القلم والنوتة وفي الآخر يطلع صاحبك غير نمرته.
8- لما يبقي في دولابك طقم اسمه "طقم الانترفيو".
9- لما تكون حضرت علي الأقل 90 % من ملتقيات التوظيف اللي اتعملت من ساعة ما اتخرجت.
10- لما ترجع تتعرف علي دفعتك من كتر ما بتقابلهم في انترفيوهات وملتقيات توظيف.
تنبيه هام :
أي نجاح لمحاولة البحث عن عمل ينتقل العاطل من طور البطالة إلي طور الوظيفة حتي لو لم يتم الوصول لطور العاطل المحترف

الخميس، 16 فبراير 2012

ثورة المهندسخانة


حالة من العقم السياسي سيطرت لسنين علي كلية الهندسة و وصلت ذروتها بالتزامن مع ذروة العقم السياسي المسيطر علي مستوي الدولة كنتيجة تؤكد أن فصل الوسط الجامعي عن السياسة ما هو إلا فصل جزئي يفصل تأثير الوسط علي السياسية لكن دون فصل تأثر الوسط بالسياسة.

بالرغم من المحاولات المستميتة من النظام في مصر لإقصاء الوسط الجامعي عن العمل السياسي من خلال السيطرة الأمنية علي الإدارة والإشراف الأمني علي إختيار أعضاء إتحاد الطلاب إما لضمان موالاته للنظام وأن يصبح لوبي للحزب وسط الطلبة أو أنه يصبح نواة تجمع الطلبة بعيداً عن السياسة وينشغل ويشغل باقي الطلبة بتفاهات من حفلات ورحلات وانشطة بعيداً عن المنظومة السياسية إلا إن ذلك كان إقصاء مؤقت مثل تغطية الذهب بالتراب وبمجرد نفضه يظهر الذهب.

من الجدير بالذكر أن كلية الهندسة شهدت بعضاَ من الأنشطة السياسية في عهد مبارك من إتحاد حر وشباب الاخوان ووقفات إحتجاجية بعد المحاكمات العسكرية لجماعة الإخوان المسلمين والتي كان من ضمنها أحد أساتذة الكلية الدكتور عصام حشيش. لكن بالرغم من وجود تلك الانشطة إلا أنها ظلت خارج منظومة التغيير بسبب محاصرة النظام لها وسيطرته علي كل آليات التغيير مثلما فعل مع باقي مؤسسات الدولة.

حاول شباب الكلية البحث عن بديل لمنظومة التفاهة التي عكف النظام علي زرعها بالتوجه لعمل أنشطة لم تسلم يوماً من تدخل الأمن , وعوائق الروتين العقيم , وغطرسة الإدارة المدعومة بمباركة الدولة الفاسدة التي كان تعطيل الشباب أمر محبوب أما تفعيل دورهم أمر مكروه يصل لدرجة الحرمانية. كان النظام علي حق في أن أي نشاط طلابي حتي وإن كان بعيداً عن السياسة يمثل خطراً فأثناء ترسيخ النظام لأسس السلبية وكراهية البلد واليأس من التغيير تظهر حفنة من "العيال" يكسروا كل الحواجز ويعملوا علي ترسيخ أسس الإيجابية وحب البلد والأمل في التغيير وكان من الملحوظ أن أغلب الذين شاركوا في أنشطة طلابية كانوا من المشاركين في الثورة أو علي أقل تقدير كانوا من المؤيدين لها لينتقلوا لمرحلة متقدمة من التأثير والتغيير وتتسع دائرة تأثيرههم من محيط الكلية إلي سياسة الدولة معلنين عن نفض التراب وظهور الذهب.

ينظر البعض لحركة إضراب طلبة هندسة وإعتصام بعضهم إلي إنها مراهقة من أطفال سعداء بلعبة جديدة وبمرور الوقت سوف يملون منها ويتركونها , وآخرون ينظرون للحركة علي أنها خطوة جيدة لكنها لن تثمر ولن تحقق أي نتيجة , لكني أري أن الإهتمام بالمكاسب القريبة من الحركة هو نوع من  قصر النظر فكلية هندسة هي نموذج مصغر من مصر وثورة هندسة هي نموذج مصغر من ثورة مصر التي لم تحقق أغلب أهدافها لكنها مستمرة وذلك لأن العنصر المفقود للتغيير ظهر والشارع ظهر فيه ما يسمي بالثوار الذين كسروا حاجز الصمت ولم يعد يمثل لهم الرصاص والسجن سوي ثمن للحرية يجب دفعه.

كذلك ثورة هندسة , جيل جديد ثار وتعلم الرفض , تعلم تحديد مطالبه وأصبح لديه الإستعداد للتضحية. ذلك الجيل أدخل الفكر الثوري داخل أسوار الجامعة ليعلن وصول الثورة لبقعة جديدة وسيطرتها علي إحدي النقاط الحصينة للنظام الفاسد فكل التحية والتقدير لجيل أجبر الجميع علي إحترامه وأثبت وجوده في منظومة التغيير ورفع راية الثورة.

الثلاثاء، 14 فبراير 2012

في رثاء الاستاذ


دايماً كنت بستغرب إزاي واحد في سن الاستاذ جلال عامر ومع ذلك مدرك تفاصيل وأحداث الثورة للدرجة دي وكمان متقبل الفكر الثوري للشباب لدرجة إنه كان أحد مسؤولي التعبير عن الثورة بأسلوبه الساخر المعروف , وكانت مقالاته من الطقوس اليومية لقراء أغلبهم شباب ثورجي. غالبية بني جيل الاستاذ بيعتبروا شباب الثورة حبة عيال طايشين وتصرفاتهم غلط لكنه علي خلاف الغالبية كان بيتمتع برؤية ثورية محاطة بخبرته وحبه للبلد وده حقق جانب كبير من التوازن بين حماس الشباب وحكمة ونضوج الكبار.

زاد استغرابي لما عرفت إن الاستاذ جلال عامر من المحاربين يعني شارك في حروب عسكرية وعاش الحياة الميري , وقف علي الجبهة , خاض حروب , استشهد له أصدقاء , واجه الموت ورغم كل ده إلا إنه معملش زي كتير وقعد يقلل من بطولات الشباب , مكنش بيسخر زي بعض العسكريين من معارك الشباب مع النظام وعمرنا ما سمعناه بيقول "هو انتوا فاكرين إن اللي انتوا فيه ده معركة ؟!" الاستاذ كان بيحمس الشباب بكلامه اللي بيلخص مشاعرهم , بيربط لهم الماضي بالحاضر , بيضحكهم في عز حزنهم فبيساعدهم علي الاستمرار , بيزرع فيهم الأمل وحب الوطن , بيعلمهم إن اللي بيحب بلده بجد لا يتوقف عن العطاء إلا بتوقف قلبه.


الاستاذ جلال عامر ابن اسكندرية كان قلمه دايماً بيعبر عن مشاكل البسطاء والكادحين والمواطنين المطحونين مش للمتاجرة أو الشهرة ولكن لأنه واحد من الناس دي فكان كلامه بيطلع بكل صدق , بيوصل للقلب لأنه طالع من القلب. كان عنده قدرة رهيبة للربط بين مشاكل الناس البسيطة وبين سياسة الدولة والأروع إن كل ده كان في إطار ساخر يخلي اللي يقرأ كلامه محتار هل الأنسب إنه يضحك ولا إنه يبكي ؟ لكن في الحالتين هو قدر يحقق الهدف إن اللي قرأ فهم.


رحمة الله علي الاستاذ جلال عامر كان مقاتل عسكري لما البلد احتاجته جندي , وكان مقاتل فكري لما البلد احتاجته كاتب.

الاثنين، 13 فبراير 2012

سابق ولاحق


لما الميدان طالب بإقالة النائب العام يبقي اللي فيه عيال بتستهبل مش فاهمين حاجة بس لما حزب الحرية والعدالة ييجي بعد شهور من تخريب النائب العام للقضايا المصيرية الكل يقول تمام ونعم القرار

لما الميدان طالب إعادة هيكلة الداخلية من بعد الثورة علي طول يبقي عيال مش عاجبهم حاجة وماشيين ورا كلام ناس بتضحك عليهم لكن لما البرلمان يطالب بنفس الطلب بعد شهور من سقوط أرواح وضياع أمن الكل يقول آمين ونعم القرار

لما الميدان اعتصم عند مجلس الوزراء علشان عايزي حكومة إنقاذ وطني حقيقية مش مسمي بس الناس تقول دول عيال مخربين ولما الامن يسحلهم ويقتلهم ويسجنهم يقولوا أحسن هم ببطالبوا بحاجة مش من حقهم لكن لما الحرية والعدالة يجهز لحكومة إنقاذ وطني إستعداداً لسحب الثقة من حكومة الجنزوري يبقي هم كدة صح وفل الفل ونعم القرار

التناقض غير مفهوم ومش عارف هو الناس عايزين ايه ؟ عايزين المطالب ولا رافضينها ؟ هل معترضين علي اللي بيطالب علشان كدة رفضوا الشباب ؟ ولا هم عايزين حد من فوق هو اللي يعمل كل حاجة بحيث مايبقاش مطلوب منهم أي مشاركة والاصلاح والتغيير ييجي لحد عندهم ؟ ولا يمكن هم من مؤيدي الطاعة العمياء للإخوان ولو طالبوا بإيه هم موافقين عليه ؟

عالعموم لازم الكل يعرف مين اول اللي طالب بكل التغييرات دي ويوم ما دفع دمه الناس شمتت ولما المجلس العسكري تجاهل المطالب قعدوا يسخروا ويقولوا ده آخرهم. الشباب عنده رؤية من اول يوم وفاهم اللعبة ومشكلته الوحيدة مع الشعب إن الشعب مش فاهم أغلب كلامه ومصدق إن مبارك والكام وزير اللي حواليه كافيين جداً لإحتلال بلد وإفسادها لكن الشباب فاهم إن أي دولة عايز تسيطر عليها يبقي لازم تسيطر وتفسد كل المؤسسات التنفيذية والتشريعية والقضائية والرقابية والمحاسبية والاعلامية وإلا فسادك هاينكشف وبالتالي فاهمين إن النظام مش هايسقط إلا بعد تطهير كل المؤسسات دي. فرق إدراك المسؤول عنه مش الميدان أنما كل واحد عنده تأخر أو سلبية أو ضعف إدراك.

الثلاثاء، 7 فبراير 2012

ساكتين ليه ؟


ليه الشعب بيتفرج علي محاكمة مبارك وهو علي يقين إنها مسرحية ؟ ولو سألت أي حد تفتكر مبارك هايتحكم عليه بإيه يقول لك انت بتحلم ولو سألته تفتكر الفلوس هاترجع هايرد بتلقائية بنفس الرد .. انت بتحلم. طب لما هم عارفين إن كل الكلام ده كدب يعني هم واصلين لنفس النتيجة اللي وصل لها الثوار يبقي ليه لما بيطالبوا بمحاكم ثورية يعارضوهم ويقولوا لازم محاكمات عادية علشان فلوسنا ترجع ؟!!

ساكتين ليه ؟
ليه مصدقين إن في مؤامرات خارجية وإن مفيش أي مؤامرات داخلية مشترك فيها المسؤولين عن حكم مصر من أتباع مبارك المخلصين ؟ ليه مصدقين إن شياطين أمن الدولة ربنا تاب عليهم وبقوا من الأبرار لمجرد تغيير اسمهم ؟ ليه نسيوا اقسام التعذيب وامين الشرطة ملك الشارع والبلطجي اللي ماسك الموقف ومحدش يقدر يكلمه لأنه متعين من القسم ؟ مفيش حد من الشعب إلا وعارف إن كل البلطجية معروفين للداخلية مش بس المسجلين خطر أنما كمان الصيع والحشاشين الصغيرين اللي نصهم شغال مرشد بيجيب القضايا للباشا لحد عنده وأي مأمور قسم أو حتي أمين شرطة لو قلت له علي الحادثة ومكانها وهو مغمض هايقول لك مين اللي عملها ومع ذلك طالقين كلابهم علينا علشان نبوس ايدهم يرجعوا و رغم إن الشعب عارف كل ده إلا إنه بيطالب بعودة الأمن وبيهاجم اللي يتكلم عن إعادة هيكلة وزارة الداخلية مع إنها محتاجة تفوير مش بس إعادة هيكلة.

ساكتين ليه ؟
ليه بيشوفوا الدقيق بيتهرب قدامهم من الفرن وكل اللي يعملوه إنهم يزاحموا علشان يلحقوا العيش قبل ما يخلص بعد تقلص كمية الدقيق ؟ ليه شايفين صاحب مخزن الانابيب بيدي السريحة بالعشر انابيب لحد ما تخلص وبدل ما يمنعوه يقوموا يضربوا بعض علشان يلحقوا اللي اتبقي ؟ وليه اصلاً ساكتين علي بيع  الانبوبة بأغلي من سعرها ؟

ساكتين ليه ؟
ليه بيصدقوا اللي طول عمره كان بيكدب عليهم ويغيبهم عن الحقيقة ؟ ليه نسيوا اللي وقف قدام الظلم ايام ما كانوا هم بيخافوا منه وجايين النهاردة يتهموه بالتآمر ؟ ليه اتخلوا عن أجمل ما فيهم وقبلوا بأخلاق طول عمرهم بيكرهوها ؟ ليه بقوا يسمعوا عن ناس ماتت فبدل ما يتألموا يفتشوا في نوايا المقتول ويسيبوا القاتل ؟

زمان الشعب كان بيسكت علشان مكنش في فايدة من كلامه ولو كان إتكلم كان راح ورا الشمس لكن دلوقتي احنا في ثورة ومفيش مبرر للسكات وخصوصاً إن في ناس في الشارع بتطالب بكل اللي الشعب كان بيحلم بيه , ساكتين ليه ؟ خايفين ؟ طب خايفين من ايه ؟ خايفين من تحقيق الحلم ؟ ولا عايزين كل احلامهم تتحقق وهم بيمارسوا حياتهم الطبيعية ؟ عايزين نتيجة بدون دفع ثمن ؟ عايزين غيرهم يدفع الثمن وهم ينبسطوا ؟ طب علي الاقل يسيبوا اللي هايدفع الثمن يدفعه بدون ما يشتموه ويخونوا ويتهموه بالبلطجة أو التغييب. في ناس كتير بتقول ميدان التحرير لا يمثلني وده شرف لميدان التحرير اللي مش بيقبل بأي ظلم واللي بيرفض التعايش مع الفساد واللي بيرفض إنه يضحك علي نفسه بإن الاصلاح قادم في حين إن كل المؤشرات بتقول عكس ده واللي بيرفض إنه يسيب الجاني ويمسك في المجني عليه واللي بيرفض إنه يضرب الشعب في بعضه علشان لقمة ويسيب الحرامية اللي بيسرقوا بقية الرغيف اللي يكفي الشعب ويفيض .. عالعموم كل واحد حر في إختياره و مايهمنيش حتي أعرف هم ساكتين ليه.

الأحد، 5 فبراير 2012

مرارة الغدر .. من وحي مذبحة الألتراس


م التالتة شمال بنهز جبال وبأعلي صوت دايماً نشجع الابطال , فريق كبير فريق عظيم اديله عمري وبرضه قليل. يستيقظ كريم علي منبه محموله الممتلئ بالهتافات التي اعتاد أن ينشدها مع اصدقاءه في المدرجات لتشجيع ناديهم النادي الأهلي. ينهض كريم من سريره بنشاط وحماس فاليوم مباراة الاهلي مع المصري وإقامة المباراة في بورسعيد لا يمثل سبباً كافياً لعدم ذهابه للوقوف وراء فريقه المفضل. يدخل الحمام سريعاً ويتناول فطوره في عجالة ويتجه لغرفته ليرتدي ملابسه , يحضر الشراب من تحت السرير , ويحضر البنطلون المعلق خلف باب غرفته علي شماعة مثبته بمسمار واحد علي وشك السقوط , ثم يفتح دولابه لينظر بإحترام لما بداخله حيث توجد فانلة النادي الأهلي معلقة وحدها علي شماعة وباقي ملابسه متناثرة علي أرضية الدولاب. يرتدي ملابسه ويخرج علم النادي الأهلي من تحت وسادته ويخرج مسرعاً من المنزل فتلحق به أمه لتعطيه بعض المأكولات.

كريم : ايه يا ماما الاكل ده كله ؟ هو انا هابات هناك ؟
الام : يا ابني الجو برد .. والشتا يحب الاكل
كريم : انا عايز اقول لك إن النادي الاهلي لن ينسي دورك في حصوله علي الدوري
الام : طب يا خويا علي الله ما ترجعوش خسرانين وتكسفونا
كريم : لا .. اوعي تقولي كدة .. الدوري للاهلي حتي لو الزمالك قادم
الام : طب خد بالك من نفسك
كريم : هو انا رايح العراق .. ده يادوب مشوار صد رد نجيب التلات نقط ونيجي علي طول .. يلا بقي علشان متأخرش لسة هاعدي علي احمد شاكر
الام : سلم لي عليه .. وابقي دوقه القرص اللي انا عاملاها .. هو بيحبها
كريم (وهو يقفز علي السلالم) : حاضر .. سلام
ينطلق كريم في الشارع ذاهباً لصديقه احمد شاكر الشهير ب "شيكو" وهو عضو قديم في الالتراس ومجنون بالنادي الاهلي وكان يحلق شعره وهو صغير ليصبح شبه حسام حسن. يصل كريم لمنزل شيكو ويبدأ في مناداته


كريم : شيكو .. يا شيكو
ابو شيكو : ايوة يا كريم احمد في الحمام .. البيه بقاله ساعة جوة تقولش عريس ورايح فرح النهاردة
شيكو يقف في الحمام يحلق ذقنه متذكراً عندما اجبره والده علي حلاقة شعره علي الزيرو بعد أن رسم علي رأسه بماكينه الحلاقه "UA07" وبعد أن انتهي من حلاقة ذقنه نظر في المرآة وقال لنفسه "يوم لما أبطل أشجع هكون ميت أكيد"
ابو شيكو (ما زال يحدث كريم) : شجعوا بضمير حرس الحدود شارخ وعمال يكسب ابن اللذينة ومش عايزين نشمت فينا حسام وابراهيم
شيكو (يتسحب من وراء والده ثم يصرخ قائلاً) : الاهلي فوق .. فوق الجميع
ابو شيكو : يا ابن الكلب .. طب ايه رأيك لو الاهلي خسر النهاردة مش هادخلك البيت
شيكو (بتحدي): طب لو كسب
ابو شيكو : يلا يا زبالة من هنا .. اهو ده اللي فالح فيه
شيكو : ماشي يا حاج .. انا مش هارد عليك بس إكراماً للاهلي
يمسك ابو شيكو بحذائه ويرميه علي شيكو فيتفاداه وينزل مسرعاً ليصطحب كريم إلي محطة مصر لملاقاة باقي المجموعة وعند وصولهم للمحطة يرد شيكو علي محموله

شيكو : ايوة يا هاني احنا وصلنا .. فين ؟ .. أه خلاص شوفتك
كريم : ايه اللي جاب الواد ده معانا ؟
شيكو : ايه يا معلم فيها ايه يعني ؟
كريم : ده واد خنيق وهو اصلاً مالوش في التشجيع بيقعد في الاستاد كأنه قاعد في بيتهم بيتفرج علي مسلسل تركي .. واتفضل يا عم جايب اخوه الصغير كمان
شيكو : الواد ده انا بشبه عليه .. المهم اتقل انت بس وماتبوظش اليوم
يصل شيكو وكريم لهاني واخوه الذي كان يرتدي فانلة الالتراس فبرغم صغر سنه إلا إنه مشجع مجنون بالنادي الاهلي ومثله الاعلي محمود الخطيب
هاني : ازيك يا احمد ايه الاخبار ؟ ده اخويا مصطفي تانية إعدادي التراس زييك يا شيكو
شيكو : وانا بقول شوفته فين .. الالتراس برضه بيحن
كريم (يتحدث لمصطفي) : يعني هاتسد مع جمهوري المصري
مصطفي (بحزم) : عيب عليك .. انت بتكلم واحد اهلاوي
كريم : شكلنا هانبقي اصحاب
شيكو : طب يلا ندخل الرصيف علشان يادوب نظبط امورنا

تتجه المجموعة لرصيف القطار لتندمج بزيها الاحمر وسط الاعداد الضخمة من الشباب الذي يرتدي نفس اللون المميز للنادي الاهلي وتزامن المباراة مع اجازة منتصف العام كان سبباً في إنضمام المزيد من المشجعين من طلبة المدارس والجامعات مع الاخذ في الإعتبار أن عامل الدراسة لم يكن يشكل عائقاً لكثير من الجماهير العاشقة لناديها لدرجة الجنون. ينطلق القطار من محطة لأخري لينتقل بين المحافظات يشق صمت المدن بهتافات تصدر بشكل منظم كما اعتدنا منذ تأسيس رابطة المشجعين في عام 2007. يقف القطار قبل بورسعيد ويبدأ المشجعون بالنزول.

هاني : في ايه ؟ هو احنا هاننزل هنا ليه ؟
شيكو : لا ماتقلقش دي حركات تمويه بنعملها علشان لو جمهور المصري مستنينا عند المحطة
هاني : هو الموضوع خطر قوي كدة
مصطفي : ما تقلقش يا عم ده شغب ملاعب متعودين عليه
هاني : انت تسكت خالص .. لما نروح لينا تصرف تاني
كريم (يرد علي محموله) : ايوة يا زيزو .. احنا وصلنا الكاب .. هانركب الاتوبيسات ونطلع علي الاستاد .. انت وصلت ؟ طب اعمل لك ايه يعني انت اللي رايح بدري ؟! .. خلاص استنانا عند البوابة اللي دخلنا منها المرة اللي فاتت .. ياد انت عبيط تدخل ايه ؟ هو انا هاعرف الاقيك جوة ؟ وبعدين جوة الشبكة بتبقي زبالة .. خلاص احنا هانركب اهو وجايين .. سلام
مصطفي : هو زيزو ده جاي منين ؟
كريم : زيزو ده من بورسعيد
مصطفي : يا راجل .. وسايبينه إزاي ؟!
كريم : مش سايبينه قوي يعني .. ده بعد كل ماتش ابوه بيبيته عند جده
شيكو : يلا هو ده الاتوبيس اللي هانركبه

يصعد الجميع للاتوبيس ويتحرك الموكب متجهاً للإستاد حيث تلتقي المجموعة ب "زيزو" الذي اصر علي الجلوس في الصفوف الامامية ليقوم بتحية كابتن بركات عندما يحرز هدفاً وتوجه معه شيكو وكريم لكن هاني رفض الجلوس في المقدمة وأجبر مصطفي علي البقاء معه مما ازعج مصطفي وأراح كريم الذي لم يعد يطيق التواجد مع هاني.

تبدأ المباراة وسط تشجيع حار من الجانبين وخصوصاً شباب الالتراس الذين عاهدوا فريقهم علي الوقوف وراءه أياً كانت النتيجة مما يمثل دافع للاعبي الاهلي للفوز دائماً حتي لا يخذلوا مشجعيهم المخلصين الذين لا يشاهدون أغلب احداث المباراة نظراً لإنشغالهم بالتشجيع. وتوالت احداث المباراة من فرحة عارمة بتقدم الاهلي ثم صمت جاء بعد كل هدف تمكن النادي المصري من تسجيله ثم عودة للتشجيع . نزول بعض جماهير المصري للملعب بعد احراز فريقهم اهداف اثار قلق هاني لكنه لم يصب أياً من شباب المجموعة بالقلق فهم اعتادوا علي مثل تلك المناوشات. أطلق الحكم صافرة النهاية ليعلن هزيمة الأهلي ليعم الحزن مدرجات الجماهير ولكن قاطع الجماهير في حزنهم نزول اعداد ضخمة من جماهير المصري. وقف جمهور الاهلي مذهولاً للحظات يهيء نفسه نفسياً للإشتباك إلا أن مع اقتراب جماهير المصري لاحظ البعض حملهم لآلات حادة وشوم وهنا ادركوا أن هؤلاء ليسوا بجمهور أنما كتيبة إعدام فبدأوا بالهتاف للإنسحاب الجماعي من المصير المجهول وبدأوا في الجري عبر كراسي الاستاد مسرعين لكن الغدر كان اسرع منهم وبدأت الصفوف الاولي في التشجيع والاخيرة في الهروب في السقوط بأيدي المُغيرين. لم يري احد الذي كان يحدث لمن يسقط وراءهم لكن اصوات صراخه كانت توحي لهم ببشاعة ما يتعرض له.

وجود زيزو في الخط الاقرب للمُغيرين بالإضافة لتكدس الاهلاوية الذين يسعون للنجاة امامه جعله يدرك أنه لا مفر فحاول الحصول علي الامان بصفته من ابناء البلد فوقف امام الهجوم رافعاً بطاقته الشخصية قائلاً "انا بورسعيدي .. انا بورسعيدي" وقبل أن يكررها للمرة الثالثة كان قد تلقي ضربه علي رأسه اسقطته علي الارض ليكون آخر ما تراه عينيه اقدام القتلة تعبر فوقه لكي تلحق بضحية جديدة.

وجود هاني ومصطفي بالقرب من البوابة اتاح لهم الهروب قبل وصول المُغيرين لهم إلا أن عند وصولهم للبوابة وجدوها مغلقة وتكدست اعداد كبيرة في مكان ضيق تحاول الهروب من الموت وعندما يأس البعض من العبور من البوابة المغلقة شكلوا تياراً للتوجه لبوابة ثانية وعندما نظر هاني بجواره لم يجد اخيه لكن سمع صوته من بعيد يناديه "هاني .. هاني" وكان قد تم دفعه بعيداً في التيار الجديد الباحث عن مخرج غير ذلك المسدود فحاول هاني الخروج من امام البوابة للوصول لأخيه غير عابئاً بالمصير الذي سيلاقيه إذا لم يتمكن من الخروج لكن في تلك اللحظة انهارت البوابة ليسير هو الآخر بالإكراه إلي خارج الاستاد حيث وجدوا مجموعة اخري من المُغيرين لكن اعدادهم كانت اقل فتمكن شباب الالتراس من إبعادهم لكن قبل أن ينسحبوا كان هاني قد تلقي ضربه علي رأسه افقدته توازنه فحمله أحد الناجيين وكان آخر ما يفكر به قبل أن يفقد الوعي مصير اخيه الصغير الذي مازال داخل الاستاد.

يبدأ محمول شيكو بالرنين في محاولة من والده للإطمئنان عليه بعد أن شاهد ما شاهد علي التلفاز ولكن لم يكن شيكو في وضع يسمح له بالرد علي أي مكالمات فقد كان منشغلاً بالهروب هو وكريم بالقفز علي كراسي المدرجات ليتعثروا مرة تلو الأخري لكن كان عليهم الاختيار بين تحمل آلام التعثر أو ملاقاة المجهول. وفي احد المرات التي تعثر فيها شيكو اصيب في قدمه ولم يعد قادراً علي الهروب فيسقط علي الأرض لينظر إلي تقدم المُغيرين واقترابهم منه متمنياً أن يكون كل ذلك مجرد كابوس أو أن يرأف القتلة بحاله أو علي الاقل يضربوه دون قتله.

عندما شعر كريم أنه سبق المُغيرين بمسافة فنظر بجانبه باحثاً عن شيكو فلم يجده فوقف علي أحد الكراسي لينظر في الاستاد فشاهد مجموعة متكالبة علي أحد المشجعين فحاول التعرف علي الضحية متمنياً أن لا يكون صديقه شيكو لكنه لم يتمكن من كثرة المتكالبين وعندما انهوا مهمتهم وانصرفوا عنه نظر علي وجهه فلم يتعرف إليه من كثرة الدماء لكنه تعرف علي فانلته والحظاظة الشهير بها وقبل أن ييصل كريم للتصرف السليم شاهد مجموعة من المُغيرين تقترب منه ولم يكن هناك حلاً سوي الهروب ليجري باكياً علي صديقه يشعر بالخجل من تخليه عن صديقه في الوقت الذي استمر محمول شيكو بالرنين دون رد.

يفيق هاني من غيبوبته ليجد نفسه محاطاً بمجموعة كبيرة من المصابين في غرفة احتوت علي لونين الاحمر من دماء المصابين وفانلات النادي الاهلي , والابيض من الشاش وعندما تذكر اخيه صاح كالمجنون "مصطفي" وتنقل بين المصابين باحثاً عنه لكن دون جدوي فسأل أحد الاطباء "في مكان تاني فيه مصابين؟" فقال ليه أن هناك مصابين تم نقلهم للمستشفي الأميري فسارع في الخروج وحاول البعض منعه محذرينه من أن خروجه يعرضه للموت وخصوصاً في ظل إختفاء الامن لكن ذعره علي اخيه غيب عقله وعندما يأس منه الشباب ورأفوا بحاله طلبوا منه خلع فانلة النادي الاهلي واعطوا له طاقية ليغطي إصابته ليخرج باحثاً عن أخيه الذي يتمني أن يجده بين المصابين ففي تلك الظروف الاصابة هي النهاية السعيدة.

وصل كريم بعد عدة مناورات وبعد أن هدأت الاوضاع إلي محطة القطار ليركبوا نفس القطار لكن ليس بنفس الجمهور فهناك من غاب للإصابة وهناك من تم نقله في صندوق وهناك من حصل علي لقب مفقود. كان القطار كعربة الاسعاف لايوجد به أحد إلا وبه إصابة , الكل منهك , حزين , في حالة ذهول تمنعه من الحديث أو حتي التفكير , نفس الصورة ونفس المشهد في عقول الجميع فمنهم من فقد صديق ومنهم من كان شاهداً علي قتل صديق. لم تعد الفانلات والاعلام فقط التي تحمل اللون الأحمر , لم يقوموا بالغناء كما كان الحال في قطار الصباح.

جلس كريم في ذهول وصدمة أخرست لسانه وأسالت دموعه فهو لا يذكر أي شيء سوي صورة شيكو وهو ملقي بين المدرجات غارقاً في دمه فاحتضن شنطة المأكولات التي تبقي فيها بعض القرص التي صنعتها ام كريم لكن رغم حب شيكو لتلك القرص فهو لن يذوقها بعد اليوم. ووسط ذلك الحزن جاء من نهاية العربة صوتاً مبحوحاً منهكاً يقول "قلناها زمان للمستبد الحرية جاية لابد liberta كانت مكتوبة" فينظر الركاب لبعضهم البعض وقد امتلأت اعينهم بالدموع واحتضن كريم علم النادي الأهلي مردداً "يا حكومة بكرة تعرفي بإيدين الشعب هاتنضفي .."