السبت، 2 مارس 2013

الأباحة حلوة


لكل عصر لغة , ولغة عصرنا دلوقتي هي الأباحة اللي هي الشتائم والألفاظ البذيئة. الغريب في الموضوع إننا زمان كنا بنبص للي بيشتم علي إنه واحد أهله ماعرفوش يربوه ولما كنا نسمع الشتيمة نحس بالقرف والاشمئزاز من التدني الأخلاقي , لكن دلوقتي الأباحة بقت هي لغة المثقفين وبقي من الصعب تلاقي حد بيتكلم في السياسة -اللي هي أمور إدارة الدولة- منغير ما يأبح. تطور وضع الأباحة وشغل حيز أكبر من حياتنا باشتعال الصراع بين التوجهات السياسية وبدل ما نسمع آراء منمقة تحوي الكثير من المصطلحات السياسية بقينا نسمع مجموعة متصلة من الشتائم يعني تم ترقية الأباحة علشان تكون مصطلحات سياسية يتداولها النخبة.

تطورت الأباحة علشان تشغل مكانة أعلي وتنتشر في حياتنا أكتر وأكتر بدخولها في قاموس الحياة اليومية , وبقت الشتائم وسيلة للتعبير عن الضيق والإرهاق ووصف الحياة والمواقف المختلفة وصيغ تشديد بدون التركيز في المعني الحقيقي للشتيمة اللي ممكن استخدامه بالأسلوب ده يكون إساءة للشخص نفسه المندمج في الوصف واللي بيتفنن في اختيار مجموعة من أسفل الألفاظ اللي كل ما بتزيد سفالة كل ما زاد التشديد علي المعني.

تطورت الأباحة أكتر وانتشرت أكتر وبدأت تاخد أماكن غريبة تتناقض مع طبيعتها البذيئة .. زي المدح !! يعني مصطلحات الهدف منها الإساءة وتحقير الآخر بقت تستخدم بشكل معكوس تماماً وبقي الواحد لما يحب يمدح شخص ويثني عليه يقوم شاتمه وطبعاً القاعدة الذهبية في الأباحة بتقول إن كلما زادت السفالة زاد التشديد علي المعني , يعني كل ما الشخص اتشتم بلفظ أقذر كل ما كان واد جامد وعامل حاجة جامدة والغريب إن اللي بيتشتم بيبقي مبسوط وده أمر يستحق الدراسة !

لما تبقي الأباحة لغة مثقفين ومصطلحات سياسية ووسيلة وصف ومدح فطبيعي جداً إنها تبقي مصدر الترفيه والضحكة اللي من القلب وبالتالي نشوف النكت والكاريكاتير والفيديوهات والبرامج وكل حاجة بتستخدم الأباحة واللي كل ما بتزيد كل ما بتضحك أكتر وبقي عندنا برامج للكبار فقط ﻷنها بتستخدم ألفاظ أبيحة وده يعتبر اعتراف مننا إن الكبار ناس أبيحة أو إن الأباحة مش عيب للكبار بس عيب للصغيرين رغم إني مش فاهم النقطة دي قوي بس ماشي .. يعني طالما الواحد لما يكبر هايبقي من حقه يأبح يبقي ليه نحرم الصغير إنه يتدرب ويستعد علشان لما يكبر يبقي أبيح محترف.

المشكلة مش انتشار الأباحة لكن الخلل اللي حصل في أخلاقيات المجتمع ومعاييره , دلوقتي الأباحة مش عيب ومش بتدل علي البيئة الزبالة اللي جي منها الشخص الأبيح ﻷنها بقت لغة الكل علي جميع المستويات , دلوقتي لو حد اتجرأ وقال أصلي مش بحب الألفاظ البذيئة هايتم التعامل معاه علي إنه سيس وهايشبع تريقة أبيحة يعني انتقلنا من أسطورة اشرب سجاير علشان تبقي راجل إلي أسطورة الأباحة للجدعان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق