الجمعة، 16 مايو 2014

دولة إسرائيل الشقيقة


اتعودنا في الدراما السطحية اللي اتفرجنا عليها سنين إن الصراع العربي الإسرائيلي عبارة عن حرب وجاسوسية وموسيقي عمر خيرت وياسر عبد الرحمن وإن الصراع هيتحسم بالسلاح. لكن إسرائيل انتقلت بذكاء لبعد أعمق من السطح اللي احنا لسة عايشين فيه وفكروا في طريقة أقوي بكتير من الصدام العسكري مع جيوش وراها شعوب عددها أضعاف عدد الإسرائيليين كلهم يعني حتي لو احتلوا البلاد دي وكان فيها مقاومة بتمثل 5 % من الشعب فده كفيل بظهور جيش جديد أو حركة مقاومة تهدد بقاء الكيان الصهيوني.

طالما المشكلة في الجيوش والمقاومة يبقي الحل في القضاء علي الاتنين، القضاء علي الجيوش كان من خلال توحيد مصالح قيادات الجيوش مع مصالح إسرائيل وبالتالي بدل ما الجيوش دي هي اللي تشكل تهديد علي الكيان الصهيوني تبقي هي الدرع اللي بيحوش عنها المجاهدين أو أي كيان شعبي يتحرك لمقاومة إسرائيل بالسلاح ده غير الإستعانة بالجيوش دي لقفل الحدود والقضاء علي طرق تسليح المقاومة في فلسطين. الحرب علي الإرهاب اللي هو الوهم الكبير اللي صنعته أمريكا وضحكت علي شعبها بيه وخاضت حروب لتحقيق مصالح رجال أعمال ورجال دولة علي حساب الجيش وعلي حساب شعب كل يوم بيزيد أعداؤه وكارهيه في العالم بسبب أفعال جيشه انتقل الوهم ده للشرق الأوسط واستخدمه القادة العرب من الدول اللي المفروض بتهدد أمن إسرائيل وكانت النتبجة تغير العدو الأول للجيوش بعد ما كان الكيان الصهيوني بقي ذلك الكيان الهلامي غير المحدد المسمي بالإرهاب واللي محدش بيقدر يحدد هويته وﻻ يقيس قوته وﻻ إمتي هيبطل كمبرر للتعسفات الأمنية والإنهيار الإقتصادي. توحدت مصالح القادة وتغيرت قبلة العداء للقواعد فأمنت إسرائيل من جيوش العرب.

بالنسبة بقي للشعب اللي لو فضل محافظ علي كراهيته للكيان الصهيوني ممكن في يوم يقلب علي قيادة جيشه ويرفض الموضة الجديدة ويطالب بمواجهة إسرائيل فكان الحل المقترح هو الأذكي علي الإطلاق. إسرائيل قررت الإبتعاد تماماً عن مناقشة الماضي ﻷنه أسود ومليان بمجازر وجرائم تكره أي كائن حي في الكيان الإرهابي المحتل اللي اسمه إسرائيل وبدأت تلعب علي نغمة جديدة اللي هي الصداقة والمحبة وقرروا التواصل مع الشعوب العربية والتقرب منها بلطف مبالغ فيه علشان بمرور الوقت يظهر سؤال بيقول: هو احنا ليه بنكره إسرائيل؟ دول بيحبونا قوي وبيعاملونا كويس. يعني بإختصار إسرائيل قللت إهتمامها بتزييف التاريخ وقررت تبدأ في صناعة تاريخ جديد مشرف قائم علي الصداقة والتواصل بين الشعوب.

صناعة تاريخ الصداقة بدأ من زمان وبيزيد بشكل ملحوظ مع سهولة التواصل وتصاعد نغمة المساواة والسلام العالمي والمحبة يعني دلوقتي مش صعب أبداً إنك تقابل واحد إسرائيلي علي الفيس بوك أو تشوف تعليقه علي اليوتيوب ومش بعيد يعمل لك فولو أو يضيفك كصديق ده غير الصفحات اللي معمولة خصيصاً بهدف التواصل مع العرب وإدّعاء الصداقة لدرجة إن الواحد بقي يلاقي المتحدث الرسمي باسم جيش الإحتلال يدعو بدعاء المسلمين ويتمني لهم جمعة مباركة وده بعد ما طلع رئيس وزراء الكيان الصهيوني أكتر من مرة يهنئ المسلمين بحلول رمضان ويقول لهم بالعربي رمضان كريم. زمان كان اللي بيشوف إسرائيلي حاجة من الاتنين إما إنه سافر برة مصر أو شافه وهو بيزور جنوب سيناء وخصوصاً طابا ولما كان بيرجع كان بيحكي عن ذلك الكائن الخرافي الذي لم يراه أحد من قبل ويتحول لقصة يرويها علي الأصدقاء في جلسات المقاهي وحكايات السمر ويصحح الفكرة السائدة عن الكائن الإسرائيلي ذو القبعة الصغيرة في مؤخرة رأسه والنظارة المثبتة علي طرف الأنف والتحدث بصوت أخنف طوال الوقت. يعني بعد ما كان الإسرائيلي كائن غامض وخرافي بقي عايش معانا وبقي يطلع يهنئنا بأعيادنا ويرد علينا بلغتنا وحتي لما نشتم فيه يتكلم معانا كويس.

السينما الإسرائيلية خدت التوجه ده من فترة برضه وروجت لفكرة الصداقة علي مستوي العالم وبكدة بقي كل العالم مؤمن إن إسرائيل صديقة العرب إلا العرب وبم إن العرب الجدد ﻻقيين الصداقة المفرطة دي والجو العام بيقول كدة يبقي هيشكوا في اللي كرههم في إسرائيل مش في إسرائيل نفسها. من أعمال السينما الإسرائيلية المعروفة فيلم اسمه "the band's visit” وده بيحكي عن فرقة الموسيقي للشرطة المصرية سافرت للمشاركة في مهرجان في إسرائيل ولما وصلوا ركبوا أتوبيس غلط ومن هنا دخلوا المجتمع الإسرائيلي واستضافتهم عائلة إسرائيلية وبدأوا في التعايش مع بعض مع توضيح إن الطرفين ضحية الكراهية الموروثة. الفيلم ده إنتاج 2007 وشارك في مهرجانات دولية وخد جوائز وبالطبع موجود وغيره من الأعمال علي الإنترنت ويقدر أي عربي الوصول لها واللي بعد ما يشوفه أو النوعية دي هيوصل للسؤال المطلوب: احنا ليه بنكره الإسرائيليين؟

الإعلام العربي والمصري علي وجه الخصوص تبني الفكر الصهيوني مش عارف عن عمد وﻻ عن جهل بس الوضع النهائي خلاه أسوأ من إعلام إسرائيل نفسها وبقي يردد جمل ومصطلحات تخدم فكرة تغيير العدو وتغيير قبلة الكراهة عن إسرائيل بل والتماس العذر لها كمان. فلسطين بقت غزة وغزة بقت حماس وحماس إرهابية وأي مصيبة علي الحدود وأبعد كمان من الحدود تبقي حماس اللي عاملاها واحنا من حقنا نحمي نفسنا.. بمراجعة التصريحات الإسرائيلية في كل إعتداء علي الفلسطينيين هنلاقي إن هو ده بالنص الكلام اللي كان بيتقال ده غير طبعاً المعلومة العظيمة اللي أصبحت حقيقة في وجدان الكثيرين إن الفلسطينيين هم اللي باعوا أرضهم لليهود.

عدو يغير من إستراتيجيته، قيادات باعت شعوبها، وشعوب هائمة في دوامات الفقر والجهل التي صنعتها الأنظمة، عيون أغفلت تماماً عدو يتسلل ويقترب من إصابة قلب القضية لتنتهي بلا رجعة هكذا صار حالنا والقادم أسوأ بلا شك إذا لم تتبدل الأمور.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق