الأحد، 29 يونيو 2014

العاطفة والسيسي

من أول ظهور للسيسي ومن قبل مرسي كان مهتم إنه يتعامل عاطفيا مع الوضع السياسي وخصوصا إن الشعب المصري يملك مشاعر فياضة ورومانسية مفرطة للقوات المسلحة حتي إنه كان عايز الثورة تغفر لمبارك 30 سنة ظلم وفساد دمروا مصر علشان في يوم من الأيام كان في الجيش. إدراك السيسي للنقطة دي خلاه يتوصي بزيادة بالخطاب العاطفي وخصوصا إن الخطاب العقلاني اللي حاول الشباب إستخدامه خلال معارك الثورة أثبت فشله مع الشعب

1- خطاب المهلة
بعد تحديد يوم 30/6 لنزول المعارضين لمرسي سواء كارهي حكم الإخوان أو كارهي حكم أي حد غير النظام اللي حكم مصر سنين طلع السيسي في خطاب حساس وجميل لو تم التعامل معاه بالحب والإحساس لكنه في نفس الوقت خطاب كارثي وهدم لمفهوم الدولة لو تم التعامل معاه بالمنطق
.
الموقف العام بيقول إن وزيرالدفاع طلع يخاطب الشعب بشكل مباشر ويدي مهلة لرئيس الدولة إنه يحل مشاكله مع الشعب وإلا.... الحقيقة الخطاب ماقلش وإلا إيه وهو ده المقصود بالخطاب العاطفي.. خطاب لما تحب تلخصه ماتقدرش تصيغه في نقط محددة وﻻ قرارات وﻻ رؤية وﻻأي حاجة مجرد حب في حب ورومانسية ومداعبة لمشاعر شعب لم يجد من يحنو عليه.. وده لفظ مش طبيعي يطلع من وزير دفاع أثناء وجود مظاهرات ضخمة في الشوارع وخلاف قوي مع الرئيس

2- خطاب التفويض
أو ممكن نسميه الإبتذال الأعظم.. الخطاب ده هيكون من الخطابات اللي العالم هيتداولها كمثال علي علاقة العاطفة بالسياسة. خطاب التفويض لو تم التعامل معاه برومانسية فهو خطاب جميل بيدل علي إن الراجل ده بيحب مصر ومش عايز يعمل حاجة الشعب مش عايزها وبالتالي ظهر بكل حنان يقول أنا عمري ما طلبت منكم حاجة كتمهيد عاطفي يصلح للفتيات في طلب تصريح من الأب لذهاب رحلة ترفيهية مع الجامعة وبعد كدة ييجي الطلب.. عايزكم الجمعة اللي جاية تنزلوا تفوضوني لمحاربة الإرهاب المحتمل.. نعم! ده كان الرد اللي المفروض يقوله الشعب للسيسي.. كان ﻻزم الشعب يسأل نفسه يعني إيه تفويض لقائد الجيش إنه يحارب إرهاب محتمل؟ يعني لو منزلناش ساعتها هيسيبنا للإرهاب يقتلنا مثلاً؟ طب لو حصلت حرب والعدو داخل علينا هل هيطلب مننا ننزل نفوضه لمواجهة العدو؟ طب بالنسبة لمؤسسة زي المخابرات.. هل بتشتغل منغير تفويض عادي وﻻ سايبين أجهزة المخابرات تلعب في البلد ﻷنهم لسة مخدوش تفويض؟ طب مش وجوده في منصب قيادي في مؤسسة مخولة بالدفاع عن البلد كافي إنه يحارب الإرهاب؟ المبهر في الموقف إن في آﻻف نزلوا بالفعل للتفويض ومسألوش الأسئلة المنطقية دي.. يعني احنا عندنا جموع بتتحرك بالعاطفة بدون تحكيم العقل أو طرح أسئلة بديهية
3- العاطفة بديل للبرنامج الانتخابي
دخول السيسي لمرحلة أعمق في السياسة وتقدمه لمنصب رئيس الجمهورية مكنش سبب كافي لتغيير الخطاب العاطفي وتبديله بالخطاب الموضوعي.. ويغيره ليه طالما لسة بيجيب النتيجة المطلوبة. ظهرالمرشح الرئاسي بدون برنامج إنتخابي ولم يخجل من التصريح بذلك لا هو وﻻ حملته وحتي متعبش نفسه إنه يرص أي كلام من اللي كان بيتردد بعد الثورة أو حتي قبلها وبكدة يبقي تفوق علي مبارك شخصياً اللي أرهق نفسه لطرح برنامج لن ينفذ. برضه من الأسئلة البديهية اللي المفروض تتسأل.. إيه هي معايير التقييم ﻹختيار السيسي في الانتخابات؟ وﻻ أقول لكم بلاش دي علشان هو أصلاً بقي رئيس من قبل الانتخابات.. طب إيه مقاييس تقييمه بعد ما يبقي رئيس؟ يعني امتي هنقول إنه نجح وامتي نقول إنه فشل؟ علي أي أساس هنقول احنا ماشيين صح وﻻ ماشيين غلط؟ هننزل بعد كام يوم نحاسبه علي إيه؟ طب بلاش كل ده.. هو المفروض هيعمل إيه علشان نعمله معاه؟ برضه مفيش أسئلة من دي وكفاية علينا إننا نور عينيه وبكرة هنشوف مصر.. طب إيه اللي هيحصل مش مهم بكرة لما تشوف هتعرف

العاطفة مش المفروض تدخل في السياسة وخصوصاً لو عاطفة بدون منطق ﻷن ساعتها ميبقاش نظام حكم إنما فيلم رومانسي وللمراهقين كمان ﻷن حتي البالغين في رومانسيتهم بيواجهوا مشاكلهم ويدوروا لها علي حلول منطقية. الخلاصة احنا عندنا سياسي هيبقي رئيس قدرته علي اثارة مشاعر الشعب أكبر من قدرة شعر صدر تامر حسني في بداياته علي إثارة مشاعر فتيات ثانوي ولكن زي ما بيقولوا دايماً.. الحب مش كافي علشان الجوازة تكمل والحب مش هيقدر يتجاوز مشاكل مصاريف البيت وﻻ تربية العيال وﻻ مشاكل الشغل.. وكذلك عاطفة السيسي

البوابة


الشعور بالخوف هو المحرك الأخطر لأي إنسان فلا صوت يعلو فوق صوت الخوف، شعور المرء بالتهديد يدفعه للتضحية والتنازل والتخلي عن أشياء لم يكن ليتخلي عنها في الظروف الطبيعية. رغم أنه مجرد شخص متشرد يهيم في الأرض باحثاً عن مأوي إلا أن فطنته لذلك المحرك جعلت منه ملكاً، ذلك الشخص الذي هبط علي مدينتنا فقيراً يتودد لهذا ويتقرب لذاك ليمنحه فرصة عمل أدرك سريعاً نقاط ضعف مدينتنا وقرر أن يحقق أحلامه بمساعدة غباء الآخرين.

بداية غريبة لحكم المدينة فذلك الشخص قرر أن يعمل كحارس لأحد البيوت، مجرد حارس يجلس علي باب البيت لكنه سرعان ما استطاع أن يوهم أهل البيت أنه ليس مجرد شخص يجلس ليرد السلام إنما هو حارس للبيت من المخاطر. نعم أقنعهم أن هناك الكثير من المخاطر، في بادئ الأمر لم يهتموا لكلامه وقالوا مستهزئين: ﻻبد أنه يختلق تلك الأساطير لنمنحه المزيد من المال حتي جاء يوم استيقظ أهل البيت علي صوت تحرك غريب وعندما خرج رب البيت وجد شخصاً يقف في الظلام يسرق بعض المقتنيات وعندما هاجمه رد الهجوم وأصيب رب البيت فدخل الحارس وانقض علي اللص وأوسعه ضرباً وأخذه ليسلمه لشرطة المدينة. في اليوم التالي طلب الحارس أن يشتري له أهل البيت سلاحاً ليستطيع دفع اللصوص إذا ما عاودوا المجئ مرة أخري وبالطبع لم يعارضه أحد بعد ذلك الحادث الذي برهن لهم وجود خطر حقيقي.

بعد ذلك الحادث بمدة استأذن الحارس أن يترك البيت لفترة حتي يزور أهله في مدينة أخري وما كان أصحاب البيت ليمنعوه عن زيارة أهله وفي اليوم التالي لسفره تعرض البيت للسرقة فلما عاد وعلم بالحادث اقترح عليهم أن يضعوا بوابة حديدية علي البيت وغلق كل منافذ المنزل بالأسوار الحديدية وبالطبع لم يمانع أصحاب البيت بعد أن تعرضوا للسرقة. بمرور الوقت تكررت نفس الجرائم في كل البيوت وانتشرت البوابات في المدينة وتعالت الأسوار وصارت أجور حراس البيوت الأعلي في المدينة وقرر ذلك الحارس تأسيس جمعية للبوابين للتنسيق فيما بينهم لحماية المدينة وبالطبع أهل المدينة رحبوا بالإقتراح فشعورهم بالخوف دفعهم لتأييد كل قرارات الحراس. تأسست الجمعية والرجل الذي جاء المدينة فقيراً صار رئيساً للجمعية وبمرور الوقت أصبحت جمعية حراس المدينة هي الآمر الناهي لأهلها.

صدرت قرارات عدة من تلك الجمعية، يجب أن يقوم أهل المدينة ببناء بيوت للحراس الذين يسهرون الليل لحمياتهم، يجب أن يدفع كل من يعمل في المدينة نصيباً من دخله لتوفير السلاح للعاملين بالجميعة، يجب بناء سور يحيط المدينة ويكون تحت سلطة الجمعية، يجب أن تخلو الشوارع من السكان بعد العشاء. كل تلك القرارات وغيرها كانت تصدر دون معارضة أو حتي استفسار فالخوف الذي صنعه الحارس الأكبر ورجاله في الخفاء دفع أهل المدينة للطاعة العمياء في العلن. لم يتسائل أحد عن سبب ظهور تلك الجرائم فقط بعد مجيء ذلك الحارس؟ ولماذا زادت مع تأسيس الجمعية؟ ولماذا هي في زيادة بالرغم من تلبية كل متطلبات الجمعية؟ لم يستنكر أحد زيادة الجرائم رغم التضحيات التي قدمها أهل المدينة، لم يعارض أحد الإجراءات التعسفية الصادرة من الجمعية، لم يرفض أحد منح المزيد من الصلاحيات والامتيازات لمن يعملون مثل كل من في المدينة، لم يتضرر أحد من سيل التنازلات التي قدمها مقابل أمان لم يحصل عليه. كان متشرداً صار متملقاً ثم كاذباً ثم خائناً فكان جديراً بحكم مدينتنا.

السبت، 14 يونيو 2014

الاتجار السياسي بالنساء

عندما وقع حادث إغتصاب فتيات في التحرير ليلة تنصيب السيسي تعامل الكثيرون مع الحادث وكأنهم وجدوا ديناصورًا علي قيد الحياة يتجول في وسط البلد وتناسوا تمامًا أن ذلك الحادث يتمتع بأي امتيازات غير أنه دليل إضافي أننا لسنا -كما ندعي- شعبًا متدينًا بطبعه. علي مدار سنوات الثورة وما قبلها صرخت المنظمات المدنية مطالبة بالتعامل مع تلك الحوادث التي حطم انتشارها كل فرص المجتمع لانكارها وأبطل وصفها بالفردية.

التقارير غير الرسمية عن التحرش مفزعة ومرعبة فكل التقارير تؤكد أن الأنثي المصرية تتعرض للتحرش بمجرد وصولها للكوكب ولا ينتظرها المتحرش حتي تكتمل ملامح الأنوثة لتحقق الاشباع الجنسي الحقيقي وإنما يكتفي بكونها أنثي وإن لم تتجاوز مرحلة التطعيمات، وكذلك النساء فوق سن الشباب ممن تجاوزن مرحلة الفتنة بعد أن صار لهن أحفادًا. لم تحتكر شريحة الشباب البالغ، المكبوت، المحروم، غير القادر علي الزواج حق تصدير المتحرشين بل شملت شرائح أخري تظل مشاركتها في الجريمة غير مفهومة حتي الآن مثل المتزوج، والطفل الذي يجهل الشعور بالشهوة، الناجح في عمله، القادر علي الزواج !

التبرير الشعبي كان الغطاء الأقوي للتحرش فبالرغم من عدم وجود أنثي لم يتم التحرش بها إلا أن النساء أنفسهن يبررن التحرش بلوم الضحية ووصفها بغير المحترمة نظرًا لما ترتديه من ملابس وطريقة تعامل منحلة ليتجاهلن تمامًا تعرضهن مسبقًا للتحرش فهل ذلك يُعَد اعتراف منهن أن ملابسهن غير وقورة ويتعاملن بطريقة منحلة؟

علي مدار سنوات الصراع الثوري مع النظام تعرضت المتظاهرات لما يسمي بالإرهاب الجنسي وهو ليس أسلوب حديث العهد في العالم كله، تاريخيًا عندم كانت تحتل دولة دولة أخري كانت قوات الدولة المحتلة تبدأ يومها بنهب الثروات واغتصاب النساء ليس فقط للمتعة إنما للتنكيل بالعدو، علي مستوي العالم كله تحدث انتهاكات في السجون والمعتقلات ويستخدم الانتهاك الجنسي أسلوبًا معهودًا لقهر الخصوم. في مصر كذلك لم تختفي الانتهاكات الجنسية للمعارضة منذ عهد ناصر وحتي يومنا هذا، كل تلك الانتهاكات كانت تحدث وراء الشمس في غيابة أمن الدولة وأقسام الشرطة ولكن مع بداية عصر ديموقراطية مبارك وفي عرس الاستفتاء علي تعديل المادة 76 ظهرت الانتهاكات واستخدم الارهاب الجنسي أمام الشمس بعد تعدي بلطجية الحزب الوطني علي صحفيات. مع بداية ثورة 25 يناير ظهر استهداف الفتيات لارهابهن جنسيًا من خلال التحرش وكشوف العذرية التي بررها رئيس مصر الحالي ورئيس المخابرات الحربية حينها وظهر الغطاء الشعبي مجددًا لالقاء اللوم -كالعادة- علي الضحية وبالتالي تجاوز المجتمع بسهولة مشهد تعرية فتاة علي أيدي رجال الجيش ليعود المشهد بوجه أقبح في ذكري ثورة يناير 2013 وحدثت الفاجعة لننتقل من مرحلة التحرش الجماعي إلي مرحلة الاغتصاب الجماعي، انتقلنا من مرحلة خروج الفتاة من الحادث فاقدة حرمة جسدها إلي لمرحلة خروجها فاقدة عذريتها.

كالمعتاد تجاوز المجتمع سريعًا ذلك الحادث وكالعادة تجاهلت الدولة الحادث ولم يصدر منها أي رد فعل حتي جاء حادث ليلة تنصب السيسي ليعيد -للمهتم- ذكريات سنوات من الانتهاكات لكن تلك المرة لم تقف أطراف الدولة دون حركة وإنما حدث ما لم يحدث من قبل، حشد إعلامي غير مسبوق، رجال دين تخرج لتتحدث عن حرمة الجسد وضرورة اعدام المغتصب، وتحرك المجلس القومي للمرأة رافضًا للحادث مطالبًا بعقاب المتهمين.. نعم فتلك المرة قام الأمن بالقاء القبض علي الجناة -والله اعلم- لتقديمهم للعدالة. ذو العقل يتسائل: لماذا الآن؟ لماذا نري لأول مرة تحرك علي حادث مكرر؟ لماذا يتحدث الآن رجال الدين عن اعدام المغتصب؟ ألا يعلم أن المحاكم المصرية بها الكثير من قضايا الاغتصاب التي تنتهي بالسجن سبع سنين علي المتهم؟ ألم يسمع من قبل عن حوادث اغتصاب في مصر أم أن ذلك الحادث هو الأول في تاريخ مصر؟ لماذا لم يطالب بتعديل القوانين من قبل؟
 
السر يا سادة في زيارة السيسي لاحدي ضحايا ذلك اليوم فكانت زيارة بمثابة الضوء الأخضر لهؤلاء كي ينطلقوا مهللين متحمسين، فالآن -فقط- قررت الدولة الحفاظ علي عرض المصريات، وحصريًا لذلك الحادث فقد حظي باهتمام القائد الملهم. حتي أن المجلس القومي للمرأة قرر المشاركة في وقفة لرفض الحادث مما يطرح العديد من الأسئلة الواجبة.. ماذا بخصوص الانتهاكات التي تحدث في السجون ضد الفتيات المعتقلات؟ هل إذا تم المطالبة بمحاسبة من قاموا بكشوف العذرية سيتفاعل معنا الرئيس؟ هل يعترف الإعلام بانتهاكات الأمن؟ هل سنري يومًا محاكمة مغتصب ومتحرش بزيه الميري أم سيظل أبناء الميري في أمان مهما فعلوا؟

سيتجه الكثيرون لإساءة الظن في كلماتي وسيطرح السؤال الاستنكاري في التعليقات: يعني أنت زعلان إن أخيرًا الدولة خدت موقف؟ وأنا أرد يا سادة كل ما أتمناه هو العدل.. العدل غير المرهون بإشارة حاكم، الذي لا يهتم بانتماء الضحية، العدل المطلق العازف عن الحسابات السياسية وألاعيب المصالح، عدل يعرف الهوي ويجهل المناصب.. كل ما نطلبه هو عدل للجميع فهل نطلب الكثير؟