الخميس، 5 مايو 2011

انا قلبي ورادي ليلية



من قبل ما استلم الشغل وانا اسمع عن حاجة اسمها وردية الليل بس مكنتش متصورها بوضوح لحد ما جي ليوم اللي اشتغل من الساعة 10 بالليل لحد 8 الصبح في وردية تُعَد من احد الظواهر الكونية المدمرة لصحة الانسان وبرغم استعدادي النفسي للمرور بالتجربة الا ان استعدادي ده لم ينقذني من الانهيار بعد مرور 6 ساعات فقط يعني قبل ما الوردية تخلص ب 4 ساعات. بعد مرور ال 6 ساعات الاولي في الوردية تحولت فجأة الي كائن صاحي نايم يعني بمعني علمي نايم اكلينيكياً بتحرك ولكن بعقلي اللاواعي وبالتالي كانت تجربة لطيفة لحالة النوم يقظاً. تكمن المشكلة في هذه الحالة اني شغال علي خط انتاج يعني مفيش حاجة اسمها نوم والا المصنع هايطلع منتج غير اللي المفروض يطلعه ومن عادات وتقاليد الصناعة اللي انا شغال فيها ان يحصل توقف من حين لآخر في الخط نتيجة لمشكلة ما مما يفرض علي جموع مهندسي الانتاج –اللي انا منهم- الاسراع للخط لمعرفة المشكلة والاشراف علي العمال اثناء اعادة التشغيل.

وفعلاً اثناء نومي ضربت سارينة لتعلن عن توقف الخط ولقيت نفسي –ولا حول ولا قوة الا بالله- بقوم من النوم وبجري صحيح مكنتش فاهم انا بجري علي ايه وبجري ليه بس كنت بجري وبالتالي كانت حالة من الجري بدافع غامض نحو المجهول واللي بنلاقي فيه صعوبة اننا نتعرف علي لحظة التوقف عن الجري لاننا من الاول منعرفش سبب الجري والموقف ده فكرني بايام اللجان الشعبية لما كان طفل صغير ييجي ويقول لنا انا "في بلطجية جايين من الناحية دي" نقوم رايحين نجري في الاتجاه المحدد بواسطة الطفل يعني عيل واحنا كلنا عارفين اللي يمشي ورا كلام العيال بيحصل له ايه وفعلا مكناش بنعرف نقف امتي لاننا بنجري ورا المجهول واللي كان بيوقفنا ان نفس العيل يقول لنا "لا دول جايين من الناحية دي" وبرضه كنا بنسمع كلامه وهو في الآخر يطلع انه متراهن مع اصحابه علي انه يشتغلنا المهم بعد الجري نائماً نحو المجهول توقفت عن الجري بفضل توجيهات ولاد الحلال من الزملاء اللي شغالين معايا اللي تحملوا اليوم ده كمية سخافات صدرت مني بسبب وصولي لمرحلة اللاوعي. بعد مرور وقت طويل بس بزمن قصير سمعت آذان الفجر واللي كان بالنسبة لي فرصة للخروج من صالة الانتاج للراحة والنوم ولو للحظات بس المشكلة بتظهر اثناء الصلاة وبالتحديد في مرحلة السجود .. الواحد بينزل ومبيطلعش الا برضه بفضل توجيهات ولاد الحلال من الزملاء.

 بعد الصلاة رجعت تاني للانتاج في حالة متطورة من اللاوعي المصحوبة بانعدام الرؤية وظهور ملحوظ لخلل في الادراك لدرجة ان ولاد الحلال لحقوني اكتر من مرة قبل ما افتح فرن درجة حرارته 250 مئوي محاولاً دخوله لسبب غير معلوم حتي الآن. ويتجلي وصولي لقمة اللاوعي لما المهندس المسئول عن تدريبي واللي بقالي اسبوعين بقابله كل يوم يسألني علي حاجة فابص له واقول "هو حضرتك معانا هنا في الشركة ؟" وتستمر المهاترات والتصرفات العجيبة في الصدور مني لحد ما ييجي اتوبيس الرحيل واللي انتظرته كتير وانتظره ولاد الحلال اللي معايا اكتر مني علشان يخلصوا بقي. وفي اللحظة دي بستدعي ما تبقي عندي من طاقة علشان اقدر اروح بيتنا واوصل بسلام لسريري العزيز واللي من فرحتي ببقي نفسي انام عليه في كل الاتجاهات بالطول وبالعرض وعلي جنبي وعلي ظهري وعلي دماغي للتعبير عن سعادتي بيه. وبعد استخدام السرير لعمل شحن للجثة الهامدة وللتخلص من آثار ليلة عصيبة قمت واستعديت لتاني يوم وردية ليل متسائلاً يا تري هأقدر انجو النهاردة كمان ويا تري ولاد الحلال من الزملاء هايلحقوني ولا خلاص .. هادخل الفرن ؟

هناك تعليقان (2):

  1. ههههههههههههههههههههههههههههههه حقيقي مقال جامد اخر حاجه
    انا عمال اضحك من اول دقيقة انت فنان حقيقي يابني

    ردحذف