الجمعة، 2 ديسمبر 2011

لماذا تقسو مصر علي أبطالها ؟!

بعد أحداث التاسع عشر من نوفمبر والتي كادت أن تكون ثورة ثانية تطيح بالمجلس العسكري من الحكم لولا تخلي القوي السياسية عن الثوار لإنشغالهم بالإنتخابات البرلمانية , اتضح أن عداد الشهداء والمصابين والمسجونين سياسياً لمجرد مخالفتهم النظام لم يتوقف بعد تولي المجلس العسكري الحكم بل استمر في التزايد وكانت تتسارع خطواته من حين لآخر مثل فض اعتصام مارس ومن بعده فض اعتصام أبريل والهجوم غير المباشر علي مسيرة العباسية ومذبحة ماسبيرو ثم مذبحة نوفمبر في التحرير وشارع محمد محمود.
لكل نظام فاسد الحق في الدفاع عن دولته والقتل من أجل البقاء والهروب من المحاسبة فلا يمكن أن نلوم نظام اتخذ الفساد مبدأ علي قتله المواطنين للدفاع عن نفسه لكن اللوم كل اللوم علي شعب يشاهد أبناء وطنه يقتلون ويصمت كما صمت من قبل وهو يتابع محاكمات هزلية وهو علي ثقة بأنها لن تثمر عن شيء و قبل أن يضيع حق من دفع عمره ليتغني هو بالأغاني الوطنية معبراً عن سعادته بالحرية التي مُنِحَت له دون مقابل ودون أن يدفع أي ثمن.

بالنظر للتاريخ المعاصر نجد أن أبطال مصر دائماً يعرضون للإهمال ولا يتم تعويضهم أو تكريمهم بالشكل اللائق وكأن الشرفاء يموتون ليعيش الأنذال فلا ننتظر من الأنذال رد الجميل. تذكرت حين كنت أقرأ عن مصابين حرب اكتوبر الذين كانوا يتسولون العلاج أو من تعرض منهم لعاهة مستديمة يعيش حياة غير كريمة مما يعد نموذج للظلم في أبشع صوره فذلك البطل الذي أصيب بعاهة افقدته القدرة علي كسب عيشه ضحي لتحيا مصر ومن بها في كرامة وبخلت عليه مصر أن تمنحه جزء من الكرامة التي كان هو السبب فيها.

ظهرت منذ سنوات قضية أسري النكسة بعد عرض فيلم بعنوان "روح شاكيد" والذي كان يسرد قصة كتيبة اسرائيلية أسرت جنود مصريين وكانت تستخرج منهم أعضائهم ليتم استخدامها في علاج الاسرائيليين وحين عرض الفيلم تحدث الكثيرون عن مجموعة جرائم ارتكبت في حق الأسري المصريين بعد النكسة وحتي يومنا هذا لم تسعي مصر بشكل جدي لإستعادة كرامة من دفع حياته ثمناً لفشل القيادة.

هناك نماذج كثيرة لم تكن نهايتها ولا حياتها كما ينبغي فمن منا يعرف كيف عاش المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة بعد إقالته؟ وكيف لم تشفع له الإنجازات التي يتلوها علينا كل من كان في الخدمة العسكرية أثناء توليه وزارة الدفاع؟ كيف كانت حياة الفريق سعد الدين الشاذلي بعد أن فرضت عليه الإقامة الجبرية ولم يشفع له كونه رئيس أركان القوات المسلحة في حرب أكتوبر؟ كيف توفي أحمد محمد عبد الرحمن الهوان وهو يجمع التبرعات لعلاجه ولم تشفع له خدمته الطويلة بالمخابرات المصرية؟ وغيرهم من الابطال الذين لاقوا مصير الخونة في حين لاقي الخونة مصير الأبطال.

ويبقي السؤال الأخطر كيف يسمح الشعب أن يكون مصير أبطاله بئس المصير؟ كيف يفرط في دم شهداءه؟ كيف لا يمنح الحياة الكريمة لأبطاله من المصابين؟ كيف تقوم الحكومة الحالية بفتح صندوق لجمع التبرعات لعلاج مصابي الثورة وتعويضات أهالي الشهداء؟ كيف نجعل من أبطالنا متسولين؟ وكيف نفرط في دماءهم؟

لكن أكثر ما يبهرني هو أن برغم النكران الذي يتعرض له الأبطال في مصر إلا أنه مازال هناك من يضحي آملاً أن تكون بلده من أعظم بلدان العالم وهو علي علم بالجحود الذي سيلاقي تضحياته فيا أهل مصر كرموا أبطالكم و اقتصوا لهم قبل أن يكفر بكم من هو علي استعداد أن يضحي لبلده وقبل أن تصبح مصر خالية من الأبطال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق