الأربعاء، 21 ديسمبر 2011

آثمون


تحدث الكثيرون بضرورة وجود كيان ثوري يضم الثوار المستقلين لكي تكون للثورة قائد وإدارة تقوم بتنظيم التحركات والتصريحات والمطالب لتوجيه الدولة لطريق الثورة , ولكن مع تكرار المطالبة بتكوين كيان ثوري لم يتقدم أحد ليقدم مبادرة لتحقيق ذلك المطلب بل اكتفوا بالنداء والنواح علي غياب ذلك الكيان وسلبيات عدم وجوده , وتجاهلوا البيئة المناسبة لظهور كيان ثوري في ظل الظروف السياسية لمصر بعد سنوات من العقم السياسي الذي افقد حتي أقوي التكتلات السياسية القدرة علي إحداث ثورة أو حتي الحشد لها حتي أن الشعب ثار في ثورة تحكمها العفوية والإرتجال لا يقودها أحد فكانت إنتفاضة شعب فقد الأمل في إصلاحات وهمية من نظام فاسد كاذب وفقد الأمل في قدرة ما تسمي المعارضة بإحداث تغيير وذلك يهدم أولي مصادر تكوين كيان ثوري.

من الامور البديهية هو تكتل القوي السياسية القائمة بالفعل متوحدين لتكوين كيان ثوري يجذب الثوار للإنضمام اليه. وكان من البديهي أن تبدأ مرحلة التكتل في ميدان التحرير قبل التنحي بل كان من البديهي أن يتم تكوين ذلك الكيان ليتم عرضه كبديل لرحيل النظام القائم ولكن بدلاً من تلك الخطوة الهامة تناحرت القوي السياسية ولم تتفق علي التوحد وكانت متاهات حكم عسكري هي البديل ويا له من بديل أهدر دماء شعب ودمر فرحة أمة وأضاع الحقوق , فبقدر تحمل المجلس العسكري مسؤولية  تلك الجرائم تتحمل القوي السياسية نصيباً لا بأس منه من تلك المسؤولية بإختيارها التفرق دون التوحد والاتسقطاب لتفتيت الثوار المستقلين دون تجميعهم في كيان واحد بل تفرق اصحاب الفكر الواحد في أكثر من حزب وتعددت الاحزاب الليبرالية واليسارية والاسلامية وكأننا في حالة رفاهية سياسية تسمح بوجود عشرات الاحزاب التي تفتت حتي أتباع نفس المنهج وكان ذلك اختيار القوي السياسية فاصبحوا في حق الثورة آثمون.

إذا نظرنا للبديل نجد أن ظهور كيان ثوري يحتاج لوجود نواة تكون مركز ثقل التكتل وهي مركز ثقة الثوار والتي تدفعهم للإنضمام لذلك الكيان. ولكن اين تلك النواة ؟ هل تكون مفكراً ثورياً ؟ أم حركة مناضلة ؟ أم حزب قائم بالفعل أو حديث العهد لكنه يضم مجموعة من أهل الثقة ؟
في حالة النظر لتلك الاسئلة والبحث لها عن اجابة سيتم الوصول لحقيقة خطيرة ألا وهي أننا لا نثق في أحد , لا يوجد توافق , رموزنا مشوَّهة , حركاتنا السياسية اثيرت حولها –عن عمد- التساؤلات التي تدفع الثوار للنفور منها وكلما ظهر رمز جديد قامت ضده حملة للنيل منه ونزع الثقة المطلوبة ليكون نواة الكيان الثوري فأصبحنا نحن ايضاً في حق الثورة آثمون.

إزدادت الفرقة واصبح كل منا يمثل كياناً يرفض التوحد مع كيانٍ آخر لفقدان الثقة , صرنا آلاف الكيانات التي تظن أنها الثورة , تفرقنا ونحن في أمس الحاجة للتوحد , تنازعنا علي الثورة فانشغلنا بنزاعنا دون الحفاظ عليها فلا نلومن اعداءنا ولا نصفهم بالآثمون فنحن من عانهم ونحن من فضل سرقتهم علي أن نتفق , عذراً يا من تسرق الثورة اسرقها فنحن الآثمون.

هناك تعليقان (2):

  1. "عذراً يا من تسرق الثورة اسرقها فنحن الآثمون"... إيييييه :(

    موضوع بقدر ما هوا حقيقي بقدر ما هو مؤلم.

    ردحذف
  2. احياناً الألم بيفوق .. وهو ده اللي بتمناه

    ردحذف