الأحد، 27 أكتوبر 2013

هل قارننا بدقة بين دولة مرسي ودولة حسني؟

بعد سقوط مرسي تعالت الأصوات بالمطالبة بمحاكمته هو وكل من كان ركناً في دولته حتي أن بعض القنوات استخدمت مصطلح رموز النظام لوصف مرسي وقيادات الإخوان.. البعض احتسب نظام الإخوان نظاماً فاسداً أضاع مصر ودمر مستقبلها المبهر وتغلغل في كل المؤسسات ليفرض سيطرته علي مفاصل الدولة حتي يستطيع الاستمرار إلي الأبد والبعض طالب وبشدة تطبيق أقصي درجات العقوبة علي مرسي لتصل إلي إعدامه عقاباً له علي ما ارتكب خلال حكمه.

اللافت للانتباه والمثير للدهشة في الوقت ذاته هو تعظيم إثم الإخوان ليصبح إثم مبارك ودولته أمراً هيناً ﻻ يستحق ذكره، ومرسي ورموز نظامه صاروا المطلوبة رؤوسهم ﻻ نظام مبارك مما دفعني للتساؤل: هل قارننا بدقة بين دولة مرسي ودولة حسني؟ قد يصلح سؤالاً معقداً في الثانوية العامة أو حتي مشروع تخرج لفريق عمل يضم طلبة من تخصصات مختلفة: إذا كان لدينا نظاماً حكم دولة لمدة تقدر بحد أدني 30 عاماً ونظاماً آخر حكم نفس الدولة لمدة عام واحد.. اثبت أن النظام ذو العام الواحد تمكن من إفساد الدولة بشكل يمثل أضعاف ما أفسده النظام ذو الثلاثون عاماً
 
في مقارنة سريعة بين النظامين فمبارك بدولته تمكن من بناء نظاماً أمنياً له قدرة هائلة علي البطش والظلم واستخدام العنف لحماية تلك الدولة واستطاع أن يخترق المؤسسات الحكومية بعديمي الكفاءة الذين يحافظون علي تطبيق السياسات التي تتلي عليهم من النظام واستطاع أن يخترق السلطة التشريعية ليبلي الشعب بترسانة من القوانين التي من شأنها حماية مصالحه وضمان عدم التعارض بين سياساته والقانون واستطاع أن يخترق القضاء لضمان عدم محاسبة إلا من يسمح هو بمحاسبته واستطاع أن يؤسس نظاماً إعلامياً فاسداً يجمل صورته ويروج لأمجاد وإنجازات وهمية واستطاع أن يصنع نظاماً تعليمياً انشغل لسنوات بحذف السنة السادسة وإعادتها وتجاهل انهيار منظومة التعليم وصلت قدرة ذلك النظام إلي القدرة علي اختراق المؤسسات الدينية لضمان الغطاء الديني بمشايخ باعوا آخرتهم بثمن بخس أما المؤسسة العسكرية فهو لم يكن بحاجة لاختراقها.. فماذا نجح نظام مرسي في تحقيقه مما سبق ذكره؟

في الواقع كل الدلائل تؤكد أن نظام الإخوان لم يكن بقوة نظام دولة مبارك الباقية بعد زوال مبارك مع تغيير رمزها. ﻻ يمكن بكل المقاييس المساواة بين نظام كان يغلق شوارع رئيسية لقربها من قصر الرئيس ونظاماً لم يستطيع منع المتظاهرين من الوقوف علي أسوار القصر وكتابة عبارات معارضة للرئيس، لا يمكن المساواة بين نظام كان يعدل في دستور الدولة -ليستمر حكمه- بمكالمة هاتفية ونظام كان يصدر القرار والمحكمة الدستورية تقوم بإلغائه، ﻻ يمكن المساواة بين نظام أمر الجيش بمساندة الشرطة لقمع المعارضين فشارك في قتلهم ونظام أمر الجيش بفرض حظر التجول فقام بتنظيم دورات كرة قدم مع المواطنين.. نعم لنظام الإخوان جرائم وخطايا ولكن ﻻ يصح أن تتساوي بجرائم وخطايا دولة مبارك.. نعم ستتم محاسبة مرسي والإخوان علي كل ما ارتكبوه وقد يحاسبوا علي ما لم يرتكبوه أيضاً ولكن ذلك فقط ﻷن النظام الحقيقي يريد أن يحاسبهم فتلك هي الحقيقة.. نحن نملك محاكم لمحاسبة المغضوب عليهم من النظام وﻻ نملك محاكم لمحاسبة النظام نفسه.. لن أعارض ما يرتكب في حق الإخوان ولكن بشرط أن يرتكب في حق دولة مبارك أضعاف ذلك بشكل يتناسب مع فارق الفساد


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق