الثلاثاء، 14 فبراير 2012

في رثاء الاستاذ


دايماً كنت بستغرب إزاي واحد في سن الاستاذ جلال عامر ومع ذلك مدرك تفاصيل وأحداث الثورة للدرجة دي وكمان متقبل الفكر الثوري للشباب لدرجة إنه كان أحد مسؤولي التعبير عن الثورة بأسلوبه الساخر المعروف , وكانت مقالاته من الطقوس اليومية لقراء أغلبهم شباب ثورجي. غالبية بني جيل الاستاذ بيعتبروا شباب الثورة حبة عيال طايشين وتصرفاتهم غلط لكنه علي خلاف الغالبية كان بيتمتع برؤية ثورية محاطة بخبرته وحبه للبلد وده حقق جانب كبير من التوازن بين حماس الشباب وحكمة ونضوج الكبار.

زاد استغرابي لما عرفت إن الاستاذ جلال عامر من المحاربين يعني شارك في حروب عسكرية وعاش الحياة الميري , وقف علي الجبهة , خاض حروب , استشهد له أصدقاء , واجه الموت ورغم كل ده إلا إنه معملش زي كتير وقعد يقلل من بطولات الشباب , مكنش بيسخر زي بعض العسكريين من معارك الشباب مع النظام وعمرنا ما سمعناه بيقول "هو انتوا فاكرين إن اللي انتوا فيه ده معركة ؟!" الاستاذ كان بيحمس الشباب بكلامه اللي بيلخص مشاعرهم , بيربط لهم الماضي بالحاضر , بيضحكهم في عز حزنهم فبيساعدهم علي الاستمرار , بيزرع فيهم الأمل وحب الوطن , بيعلمهم إن اللي بيحب بلده بجد لا يتوقف عن العطاء إلا بتوقف قلبه.


الاستاذ جلال عامر ابن اسكندرية كان قلمه دايماً بيعبر عن مشاكل البسطاء والكادحين والمواطنين المطحونين مش للمتاجرة أو الشهرة ولكن لأنه واحد من الناس دي فكان كلامه بيطلع بكل صدق , بيوصل للقلب لأنه طالع من القلب. كان عنده قدرة رهيبة للربط بين مشاكل الناس البسيطة وبين سياسة الدولة والأروع إن كل ده كان في إطار ساخر يخلي اللي يقرأ كلامه محتار هل الأنسب إنه يضحك ولا إنه يبكي ؟ لكن في الحالتين هو قدر يحقق الهدف إن اللي قرأ فهم.


رحمة الله علي الاستاذ جلال عامر كان مقاتل عسكري لما البلد احتاجته جندي , وكان مقاتل فكري لما البلد احتاجته كاتب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق