الخميس، 16 فبراير 2012

ثورة المهندسخانة


حالة من العقم السياسي سيطرت لسنين علي كلية الهندسة و وصلت ذروتها بالتزامن مع ذروة العقم السياسي المسيطر علي مستوي الدولة كنتيجة تؤكد أن فصل الوسط الجامعي عن السياسة ما هو إلا فصل جزئي يفصل تأثير الوسط علي السياسية لكن دون فصل تأثر الوسط بالسياسة.

بالرغم من المحاولات المستميتة من النظام في مصر لإقصاء الوسط الجامعي عن العمل السياسي من خلال السيطرة الأمنية علي الإدارة والإشراف الأمني علي إختيار أعضاء إتحاد الطلاب إما لضمان موالاته للنظام وأن يصبح لوبي للحزب وسط الطلبة أو أنه يصبح نواة تجمع الطلبة بعيداً عن السياسة وينشغل ويشغل باقي الطلبة بتفاهات من حفلات ورحلات وانشطة بعيداً عن المنظومة السياسية إلا إن ذلك كان إقصاء مؤقت مثل تغطية الذهب بالتراب وبمجرد نفضه يظهر الذهب.

من الجدير بالذكر أن كلية الهندسة شهدت بعضاَ من الأنشطة السياسية في عهد مبارك من إتحاد حر وشباب الاخوان ووقفات إحتجاجية بعد المحاكمات العسكرية لجماعة الإخوان المسلمين والتي كان من ضمنها أحد أساتذة الكلية الدكتور عصام حشيش. لكن بالرغم من وجود تلك الانشطة إلا أنها ظلت خارج منظومة التغيير بسبب محاصرة النظام لها وسيطرته علي كل آليات التغيير مثلما فعل مع باقي مؤسسات الدولة.

حاول شباب الكلية البحث عن بديل لمنظومة التفاهة التي عكف النظام علي زرعها بالتوجه لعمل أنشطة لم تسلم يوماً من تدخل الأمن , وعوائق الروتين العقيم , وغطرسة الإدارة المدعومة بمباركة الدولة الفاسدة التي كان تعطيل الشباب أمر محبوب أما تفعيل دورهم أمر مكروه يصل لدرجة الحرمانية. كان النظام علي حق في أن أي نشاط طلابي حتي وإن كان بعيداً عن السياسة يمثل خطراً فأثناء ترسيخ النظام لأسس السلبية وكراهية البلد واليأس من التغيير تظهر حفنة من "العيال" يكسروا كل الحواجز ويعملوا علي ترسيخ أسس الإيجابية وحب البلد والأمل في التغيير وكان من الملحوظ أن أغلب الذين شاركوا في أنشطة طلابية كانوا من المشاركين في الثورة أو علي أقل تقدير كانوا من المؤيدين لها لينتقلوا لمرحلة متقدمة من التأثير والتغيير وتتسع دائرة تأثيرههم من محيط الكلية إلي سياسة الدولة معلنين عن نفض التراب وظهور الذهب.

ينظر البعض لحركة إضراب طلبة هندسة وإعتصام بعضهم إلي إنها مراهقة من أطفال سعداء بلعبة جديدة وبمرور الوقت سوف يملون منها ويتركونها , وآخرون ينظرون للحركة علي أنها خطوة جيدة لكنها لن تثمر ولن تحقق أي نتيجة , لكني أري أن الإهتمام بالمكاسب القريبة من الحركة هو نوع من  قصر النظر فكلية هندسة هي نموذج مصغر من مصر وثورة هندسة هي نموذج مصغر من ثورة مصر التي لم تحقق أغلب أهدافها لكنها مستمرة وذلك لأن العنصر المفقود للتغيير ظهر والشارع ظهر فيه ما يسمي بالثوار الذين كسروا حاجز الصمت ولم يعد يمثل لهم الرصاص والسجن سوي ثمن للحرية يجب دفعه.

كذلك ثورة هندسة , جيل جديد ثار وتعلم الرفض , تعلم تحديد مطالبه وأصبح لديه الإستعداد للتضحية. ذلك الجيل أدخل الفكر الثوري داخل أسوار الجامعة ليعلن وصول الثورة لبقعة جديدة وسيطرتها علي إحدي النقاط الحصينة للنظام الفاسد فكل التحية والتقدير لجيل أجبر الجميع علي إحترامه وأثبت وجوده في منظومة التغيير ورفع راية الثورة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق