الأحد، 7 أكتوبر 2012

هنا القاهرة 2 : اختبار الثبات الانفعالي


ثاني اختبارات المدينة غير الفاضلة هو اختبار الثبات الانفعالي واللي فيه بيمر المواطن بمجموعة مواقف تقيس قدرته علي البقاء لأطول وقت ممكن بدون ما يتعصب أو يشتم أو يضرب أو يتحول ﻹرهابي. أول موقف المواطن بيتعرض له بمجرد نزوله ﻷرض الاختبار هو الفوضي حيث يفاجأ بزحام وحركة عشوائية من مكونات مختلفة مش منطقي تواجدها سوياً زي عربيات وتكاتك وموتوسيكلات وعجل وبني آدمين بيتحركوا بنص إدراك وأطفال بتجري بدون أي إدراك بالإضافة لبعض الكائنات الحية زي القطط والكلاب وأحياناً المعيز (لو تصادف مرور راعي قبل عيد الأضحي). في وسط الفوضي دي الإنسان بيجيله حالة من التشتت والحيرة ويهيم متسائلاً : يعني أنا دلوقتي في وسط شارع والمركبات ماشية فيه وﻻ علي الرصيف والناس ماشية عليه وﻻ في البرية والحيوانات ترعي ؟!

تاني موقف ييجي في مرحلة الانتقال بالمواصلات لما يركب ميكروباص فيه السواق مشغل الكاسيت بصوت عالي جداً وبيتحف الركاب بمجموعة من أسفل ما أنتج الوسط الغنائي , بالإضافة للراكب المجاور اللي هوايته حشر كوعه في بطن اللي جنبه للإحساس بالطمأنينة والاستقرار , غير طبعاً الراكب اللي من أول ما بيركب لحد ما ينزل بيتكلم في التليفون وبصوت عالي جداً مع خطيبته اللي غالباً بيكون اسمها هند وبيتخانق معاها علشان مامتها بتعامله وحش , بجانب قليل من إزعاج التباع اللي بيستمر في دعوة الركاب للركوب مقنعاً نفسه بوجود فراغ داخل العربة , ولو أحد مراحل انتقال الأجرة من الركاب للتباع مرت برجل مسن أو أنثي في أي سن هايضاف للإستفزاز إستفزاز زيادة ناتج عن حيرة ولخبطة غير مبررة من جامع الأجرة.

لو كنت من اللي مش بيركبوا مواصلات عامة فلا تعتقد أنك أفلت من القاهرة فهي اسم علي مسمي. راكب السيارة الخاصة بيتعرض للسواقة في شوارع العاصمة واللي بيكون لها حسابات خاصة تختلف تماماً عن مفاهيم السواقة اللي مبادئها الذوق والفن والأخلاق , فالسواقة في مصر بلطجة وفهلوة وانعدام أخلاق حيث يتصارع سائقي المركبات بحجز الحارة مستخدمين سلاحهم الأقوي (بوز العربية) بالإضافة لعمل مناورات في الشوارع الجانبية والسير عكسي احياناً كتطبيق لمبدأ الفهلوة , حرقة الدم بتيجي من مصادر متعددة أهمها الميكروباصات لأن الميكروباص في العاصمة بتكون حالته منيلة بستين نيلة وصاحبه مش باقي عليه أو بمعني أدق هو عارف إنه لو هوش سائق الملاكي هايخاف علي عربيته ويسيبه يعدي , تاني مصدر هم الناس اللي عكس سائقي الميكروباص واللي فاكرين نفسهم سايقين في دريم بارك وماشيين دايماً علي 60 ولو حتي في صلاح سالم وهو فاضي ونص عربيتهم في حارة والنص التاني في حارة تانية , العربية دي لو صورناها من فوق بارتفاع مناسب هانلاحظ انسياب مروري حولها مع وجود تكدس وقاطرة من السيارات خلفها فبتكون سبب إضافي للإصابة بشلل الأطفال , تالت مصدر هو النقل العام والتريلات واللي بيتصنفوا نقل ثقيل لكن رغم تصنيفهم إلا إن سائق النقل الثقيل بيكون عنده شعور مجهول المصدر إنه راكب توك توك فبيمشي يتدنجل ويعمل غرز ويشد مع أصدقاؤه من النقل الثقيل مسببين حالة رعب للعربيات العادية.

البقاء في شوارع العاصمة منهك عصبياً وبيخلي الواحد يخرج عن شعوره وموده يبوظ حتي لو كان قايم مزاجه عالي وكان بادئ يومه بدندنة أغنيته المفضلة فأياً كانت حالته اللي بدأ بيها اليوم بينتهي بنفس النهاية ألا وهي فقدان سيطرته علي أعصابه والخروج عن النص وعن أخلاقه المعتادة والوضع ده مش غريب وﻻ فريد إنما هو موقف كل عابر في شوارع القاهرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق