الثلاثاء، 23 أكتوبر 2012

المترو واللي بيركبوه


طول عمري من أعداء المترو والجملة الشهيرة بتاعة "المترو مهما كان زحمة فهو بيوصل والطريق مش بيقف" عمرها ما كانت دافع لي علشان استبدل الميكروباصات بالمترو. فالمترو كوسيلة مواصلات بتمشي تحت الأرض في حد ذاتها بتستفزني لأن فكرة السير في نفق مظلم قد تكون مخيفة نفسياً حتي السياسيين لما يحبوا يوصفوا حالة الضياع السياسي بيوصفوه بالنفق المظلم. السير راكباً مركبة دودية تسير في ماسورة يوحي لي إني من حشرات الأرض أو إني مجرد إفرازات تسير في الأمعاء متجهة لبوابة الخروج. كل اللي فات ده إحساسي تجاه المترو كوسيلة واصلات بغض النظر عن الركاب والنظافة والفوضي والكلام ده.

ركاب المترو بيمثلوا بالنسبة لي السد المنيع اللي بيفصل نفسياً بيني وبين المترو لأن اللي شوفته من الركاب يخليني أكره المترو لدرجة إني ساعات بتمني ينفجر بينا ورغم إني هاكون من الضحايا لكني هبقي في قمة سعادتي وكوكب الأرض بيتخلص من هذا الكم من ركاب عاملين نفسهم بني آدمين. من الأمور المستفزة في الركاب التقلبات المزاجية بشكل غير مفهوم , يعني من المدهشات إنك تشوف الشخص اللي بيجري علشان يلحق يركب أول ما بيركب بيقف مكانه وكأن البنزين بتاعه خلص أو محركاته أصيبت بعطل وينتقل من السرعة القصوي والنشاط المفرط إلي السرعة صفر وخمول غير مبرر وحتي تحت ضغط وشتائم اللي عايزين يركبوا بعده بيبدأ في التحرك زي الزومبي في أفلام الرعب. بمناسبة مشية الزومبي فهي المشية المفضلة لركاب المترو ويحضرني الآن ذلك المواطن اللي كان ماشي واقف محتفظأ بوضعية الدنجلة والاستمتاع بالمناظر الخلابة للقضبان وإيشاني المحطة رغم وجود سلسلة من الإنذارات بوصول القطار واحنا كنا لسة في منطقة السيدات.

الشعب المصري متدين بطبعه وده ظهر لي من خلال شخص كان ماشي ببطء شديد علي المحطة وانا عايز اعدي منه علشان مستعجل لكن مكنش في مفر من سيل الجماهير المضاد ولما سنحت لي الفرصة لسة هاشتمه لقيته بيقرأ في مصحف فحصل لي حالة من التشتت , يعني الراجل مش بيعمل حاجة غلط ده بيقرأ قرآن بس في نفس الوقت هو ماشي مش شايف قدامه وﻻ وراه ومعطل الناس علشان مش مركز في سيره , في النهاية معرفتش اقول إيه فدعيت له بالهداية.

غير إن الشعب المصري متدين بطبعه فهو شعب يتميز بالحميمية اللي بتدفع الراكب إنه يسيب أم العربية كلها وييجي يقف جنبك مع عدم ترك مسافة مناسبة وكأنه عايز جرعة حنان , وﻷني كائن بطبعه لا يتحمل التلزيق في الآخرين (حتي لو سيدات) فده بيتسبب لي في معاناة غير عادية وبيحسسني بالتعرض لحالة اغتصاب للخصوصية في فقداني حرية الحركة والتنفس والوقوف دون ملامسة أحد لي أو ملامستي له ولذلك أتمني إني ربنا يرزقني بخاصية خارقة عبارة عن فقاعة من اللهب تحيط بي لتحمي مساحتي الشخصية وأي حد يقرب منها يتحرق رغم إني متأكد إن ده مش هايمنع الناس من التلزق حتي لو هايموتوا بعد التلزيقه فالشعب المصري ملزق بطبعه.

باختصار اكتشفت إني مش من النوع اللي بيستحمل التعامل مع المترو وركابه ولو اضطريتني الظروف لركوب المترو يبقي ساعتها هاحتاج لتأهيل نفسي قبل وعلاج نفسي بعد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق