الخميس، 4 أكتوبر 2012

هنا القاهرة 1 : اختبار النظافة

الحياة في مدينة القاهرة ومثيلاتها من المدن حياة شاقة ومقرفة وتحرق الدم وقد تسبب الوفاة أو الخلل العقلي في بعض الحالات. الإنسان اللي بيعيش في مدينة زي القاهرة بيقضي يومه من أول نزوله من البيت وحتي عودته في سلسلة من الاختبارات اللي قد تعادل الاختبارات التي يمر بها المتقدمون للعمل في جهات أمنية عليا. المشكلة إن الواحد مننا لما بيحب بيتشيك عادة بيكون رايح معاد مهم إما انترفيو أو فرح أو مقابلة رسمية وبيحتاج يفضل شيك وأول ما يوصل المكان بيبقي هاين عليه يقول : والله يا جماعة أنا كنت نظيف بس الطريق هو اللي عمل في كدة … مفيش مانع لو كل واحد مننا صور نفسه قبل ما ينزل الشارع علشان يثبت إنه في فترة من اليوم كان أنظف بكتير وأشيك بكتير من وضعه الحالي الأقرب للمشردين.

أول اختبار هو "اختبار النظافة" والمقصود هنا مش قياس نظافة الفرد إنما قياس قدرته علي البقاء نظيفاً٫ فمثلاًَ لو المواطن ده خد دش ورش برفان و اتشيك وظبط القميص علي البنطلون ولبس الجزمة اللي بتبرق وجت لحظة نزوله لارض المعركة, فهو أول ما بينزل بيقابل طبقة تراب سمكها حوالي 2 سم -في أفضل الظروف-وبالتالي أول ما بيضرب رجله فيها بتنزل الجزمة البراقة في عمق 2 سم تراب مع إثارة جزء يقوم بدوره بطمس ما تبقي من البريق. يخطو المواطن في طريقه فيلاقي مواطن تاني رش مياه علي الأرض المغطاة بالتراب لتتكون طبقة من الطينة اللي بمجرد ما يمشي فيها بيتنقل جزء منها للجزمة وجزء بيطلع علي رجل البنطلون من ورا نتيجة للمشي ولتجاوز الطرطشة دي ممكن المواطن يركب رفرف أو إنه يمشي في شارع ناشف.

يمشي المواطن شوية كمان متحسراً علي الجزمة والبنطلون وفجأة يلاقي عيل راكب عجلة وجاي عليه , يجيله يمين يلاقي جي يمين يجيله شمال يلاقيه جي شمال لحد ما يخبط فيه وطرف الجادون يطلع له القميص من البنطلون مما يدفعه لنعكشة شعره بالمرة والصياح كالمجنون منشداً : الملاحة .. الملاحة. حتي لو المواطن عمل ناصح وخد كل الاحتياطات لتجنب الحوادث السابق ذكرها فنصاحته دي مش هاتفيده في المواصلات ﻷنه أول ما هايركب كل الحوادث دي هاتحصل له دفعة واحدة , المواطن وهو بيتحشر في المواصلات بيلاقي اللي يدوس علي الجزمة واللي يدوس له علي البنطلون واللي شايل فاكهة أو زفر وبيلزقه فيه. حتي لو المواصلات رايقة خالص ومفيش أي زحمة أو احتكاك برضه هايتبهدل بمجرد ما يقعد علي الكراسي اللي رغم ركوب ناس كتير إلا إنها محتفظة بالتراب اللي عليها وكأنها بتفرز تراب أو بعد كل راكب بيروح السواق كخدمة إضافية يحط تراب علي الكرسي طبعاً ده غير التعرض المعتاد للشحم اللي بيكون علي الجدار الداخلي للميكروباص بدون أي مبرر. يعني من الآخر هاتتبهدل هاتتبهدل وبالتالي كل أملك يكون الإحتفاظ بالنظافة ﻷطول وقت ممكن لكن لا تنتظر إنك تنجح في الاختبار ده .. فالقاهرة أقوي مننا جميعاً.

هناك تعليق واحد: