صحراء
.. أنا
في وسط صحراء ..
نعم إنها صحراء في كل
مكان ,
يبدو أنني ضللت الطريق
, أو
أنه لا يوجد طريق ,
أسير منذ مدة ولم أصل
إلا للمزيد من الرمال والفراغ الخالي من
معالم الحياة أو حتي الممات ,
كل ما مررت به يشبه
بعضه ,
لم أري من الألوان سوي
لوناً واحداً ..
الأصفر.
سمعت عن برك مياه في
الصحراء ,
روي لي عن واحات خضراء
فيها الراحة والجمال ,
سمعت أن الصحراء تنتهي
, لكن
ما بال صحرائي ؟ لِمَ لا تنتهي ؟ أرهقتني
الحيرة أكثر من الرحلة.
سرت
لزمن طويل ..
وحدي ,
أتمني الوصول لطريق ,
أتمني لقاء رفيق ,
أتمني انفراج الضيق ,
أصرخ منادياً فينطلق
صوتي في الصحراء ليضل كما ضللت من قبله ,
يذهب حيث سأكون عمَّا
قريب ,
أتمني يوماً أن يرتد
إلي مبشراً بانتهاء الصحراء.
لا أجد سبباً للاستمرار
في السير كما لا أجد مانعاً ,
نفذت مني كل المؤن
والظمأ سكن حلقي ,
والجوع بات لمعدتي
رفيق ,
لم أعد بنفس القدرة
علي السير ,
لم يعد جسدي مفعم
بالحماس ,
لم يعد قلبي مضيئاً
بمشاعل الأمل ,
ضعف الجسد وندر الحماس
وصارت المشاعل بصيص.
كان
علي حسم أمري ..
هل أستمر في السير
آملاً في الوصول ؟ أم كفاني خداعاً لنفسي
وحان وقت الاستسلام ؟ عفواً ..
هل أخدع نفسي ؟ ربما !
أليس استمراري بالسير
دون الوصول لشيء خداع ؟ علي ما استمر ؟ لا
.. ليس
خداع ,
إن كنت قد ضللت الطريق
وأكملت السير ربما أصل يوماً للطريق ولكن
إن توقفت فلا أمل لي في العثور علي الطريق
فعلي ما أعلم أن الطرق لا تسير ,
فإن كان البديل هو
الموت يائساً إذاً أفضل أن أموت مخدوعاً.
حسمت
أمري وها أنا أسير يسير ليخرج من أسره ,
أضع لنفسي أهدافاً
وهمية لتهون علي رحلتي ,
أنظر لكثبان رملية
تظهر في الأفق فأقول لنفسي :
قبل الغروب سأكون قد
وصلت لتلك البقعة ,
وحين أصل احتفل بتحقيق
هدفي وأضع لنفسي هدفاً جديداً احققه في
اليوم التالي ,
اعلم أن تلك نشوة وهمية
ولكن ما أهمية أن تكون حقيقية طالما
تساعدني علي تحمل مصاعب الرحلة.
سأصل ..
يوماً ما سأصل وسأقص
علي كل من ألاقيه رحلتي وصمودي ,
سأروي لهم عن نجاحي ..
لا أعلم ..
ربما لن أصل ..
ولن أروي وتكون نهايتي
في تلك الصحراء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق