الخميس، 15 نوفمبر 2012

صحراء


صحراء .. أنا في وسط صحراء .. نعم إنها صحراء في كل مكان , يبدو أنني ضللت الطريق , أو أنه لا يوجد طريق , أسير منذ مدة ولم أصل إلا للمزيد من الرمال والفراغ الخالي من معالم الحياة أو حتي الممات , كل ما مررت به يشبه بعضه , لم أري من الألوان سوي لوناً واحداً .. الأصفر. سمعت عن برك مياه في الصحراء , روي لي عن واحات خضراء فيها الراحة والجمال , سمعت أن الصحراء تنتهي , لكن ما بال صحرائي ؟ لِمَ لا تنتهي ؟ أرهقتني الحيرة أكثر من الرحلة.

سرت لزمن طويل .. وحدي , أتمني الوصول لطريق , أتمني لقاء رفيق , أتمني انفراج الضيق , أصرخ منادياً فينطلق صوتي في الصحراء ليضل كما ضللت من قبله , يذهب حيث سأكون عمَّا قريب , أتمني يوماً أن يرتد إلي مبشراً بانتهاء الصحراء. لا أجد سبباً للاستمرار في السير كما لا أجد مانعاً , نفذت مني كل المؤن والظمأ سكن حلقي , والجوع بات لمعدتي رفيق , لم أعد بنفس القدرة علي السير , لم يعد جسدي مفعم بالحماس , لم يعد قلبي مضيئاً بمشاعل الأمل , ضعف الجسد وندر الحماس وصارت المشاعل بصيص.

كان علي حسم أمري .. هل أستمر في السير آملاً في الوصول ؟ أم كفاني خداعاً لنفسي وحان وقت الاستسلام ؟ عفواً .. هل أخدع نفسي ؟ ربما ! أليس استمراري بالسير دون الوصول لشيء خداع ؟ علي ما استمر ؟ لا .. ليس خداع , إن كنت قد ضللت الطريق وأكملت السير ربما أصل يوماً للطريق ولكن إن توقفت فلا أمل لي في العثور علي الطريق فعلي ما أعلم أن الطرق لا تسير , فإن كان البديل هو الموت يائساً إذاً أفضل أن أموت مخدوعاً.

حسمت أمري وها أنا أسير يسير ليخرج من أسره , أضع لنفسي أهدافاً وهمية لتهون علي رحلتي , أنظر لكثبان رملية تظهر في الأفق فأقول لنفسي : قبل الغروب سأكون قد وصلت لتلك البقعة , وحين أصل احتفل بتحقيق هدفي وأضع لنفسي هدفاً جديداً احققه في اليوم التالي , اعلم أن تلك نشوة وهمية ولكن ما أهمية أن تكون حقيقية طالما تساعدني علي تحمل مصاعب الرحلة. سأصل .. يوماً ما سأصل وسأقص علي كل من ألاقيه رحلتي وصمودي , سأروي لهم عن نجاحي .. لا أعلم .. ربما لن أصل .. ولن أروي وتكون نهايتي في تلك الصحراء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق