الأربعاء، 23 نوفمبر 2011

الخط الأحمر الحقيقي


صرح المجلس العسكري أكثر من مرة أن الجيش خط أحمر غير مقبول تجاوزه وتعالت أصوات المؤيدين لتلك النظرية مبايعين الجيش في كل ما يقوم به وإن كان مرفوضاً لكن خوفاً علي ذلك الخط الأحمر يتم قبوله. يبدو أن قيادات الجيش وكذلك المواطنون قد اختلط عليهم الأمر فالقوات المسلحة لأي دولة هي وسيلة وليست غاية أي أن تكوين الجيوش كان بغرض حماية المواطنين وحفظ كرامتهم وممتلكاتهم وأرضهم وعرضهم وتنتفض تلك القوات عندما يسيل دم أحد المواطنين لحمايته ووقف نزيف المزيد من الدماء والقصاص ممن أراق دماء بني وطنهم. الجيوش تتحرك لمنع تخطي الخط الأحمر الحقيقي وهو دماء المواطنين لكننا نشهد الآن تدليس وتلبيس الأمور لكي يصبح الجيش خط أحمر نقبل بأن يراق دماء المواطنين دون أن نقتص لهم للحفاظ علي الخط الأحمر الوهمي.
يأتي رفض الكثيرون لإبقاء المجلس العسكري في السلطة بسبب الدماء وليست السياسة. فالسياسة يُقبَل بها التفاوض والنقاش والمساومات لكن الدماء لا تقبل بأي مما تقبله السياسة فالدماء لا تعرف سوي القصاص. والآن كيف يُطلَب مننا بأن نقبل ذلك المجلس بعد أن أراق دماء كان في قدرته حفظها؟ وكيف نقبل بأن نأتمن من خان الأمانة أكثر من مرة حتي وصل به الحال إلي استحلال دماء من يدفع ثمن السلاح الذي يحمله؟ كيف يمكن أن نحاسب مبارك ونقبل بالقصاص منه وذلك المجلس كرر ما فعله مبارك دون حساب؟
إصرارنا علي مغادرة المجلس ليست من منطلق السياسة والسلطة أنما من منطلق بدء القصاص الحقيقي الذي يضمن لنا في المستقبل الحياة فقد قال تعالي "وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" وقد أدركنا الآن معني تلك الآية بعد أن قبلنا ببقاء القاتل دون حساب فظهر لنا قاتل جديد ولو أنه تم القصاص ممن قتل المتظاهرين في يناير لما تجرأ قاتل آخر علي قتل المتظاهرين في نوفمبر. لقد قبلنا بتعذيب المجرمين بالرغم من مخالفة ذلك للشرع والقانون وقبلنا بعدم محاسبة حاملي الرتب فانطبق علينا قول الرسول " إنما هلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد" إلي آخر الحديث. فاليوم نطبق الحد والقانون علي المجرمين من البلطجية لكننا لم نمتلك الجرأة بعد علي المطالبة بمحاسبة الأشراف من العسكر حفاظاً علي ذلك الخط الأحمر الوهمي فهل ينطبق علينا ذلك الحديث ونهلك ؟!
بعد ما تعرضنا له من ظلم الفاسدين بالجيش وصمت الشرفاء نترحم علي جيوشٍ من الشرفاء كانت تنتفض لإستعادة كرامة فرد واحد كانت كرامته لهم خط أحمر.

هناك تعليق واحد: